الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا    مسؤول أممي: اكتشاف مقبرة جماعية في قطاع غزة "مثيرة للقلق" وندعو لتحقيق "موثوق"    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان  

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان

الآن

"الأمل".. أمل أطفال التوحد وذويهم

سهاد الربايعة- بإمكانيات شحيحة جدا وظروف مادية صعبة انطلقت جمعية الأمل لرعاية وتأهيل أطفال التوحد من مخيم النصيرات بمحافظة الوسطى حاملة عبئا يفوق قدراتها وإمكانياتها، متسلحة بالإرادة والعزيمة لتقديم خدمة إنسانية لضحايا الحروب المتكررة على قطاع غزة من الأطفال الذين زادت حالات التوحد والاضطرابات النفسية بينهم، فبات أمر علاجهم هدفا أساسيا تسعى لتحقيقه رغم الظروف القاهرة التي يمر بها القطاع، لتكون بذلك أول جمعية من نوعها في المحافظة تحتضن مثل تلك الحالات المرضية وتسعى جاهدة لتوفير كل احتياجات العلاج اللازم لهم والعمل على دمجهم في المجتمع.

حالات كثيرة
تغريد العميا مشرفة الجمعية تقول ان حالات التوحد والاضطرابات النفسية لدى أطفال قطاع غزة ارتفعت بعد حرب 2014, مشيرة إلى أن شكوى الكثير من الأهالي حول معاناة أطفالهم من بعض المشاكل السلوكية وأخرى في النطق والتخاطب دعت الأخصائيين النفسيين إلى عمل مسح ميداني  حول  عدد هذه الحالات في القطاع، ليتبين وجود قرابة 3000 حالة توحد وبشكل ملحوظ لدى كثير من الأطفال دون معرفة ذويهم أنهم يعانون من هذا المرض.

وأضافت أن جمعية الأمل لرعاية وتأهيل أطفال التوحد هي الأولى من نوعها في محافظة الوسطى، نشأت منذ بداية العام المنصرم لمعالجة الأطفال الذين يفتقدون للرعاية في ظل عدم وعي المجتمع بطبيعة هذا المرض وكيفية التعامل مع الأطفال المصابين به، مبينة أن كثيرا من الحالات لا يعرف أولياء الأمور أنها مصابة بالتوحيد لغياب التشخيص الدقيق في غزة لمثل هذا المرض، إضافة إلى عدم وجود أخصائيين مدربين ومؤهلين للتشخيص السليم والدقيق على مستوى القطاع.

وأكدت أن تأسيس الجمعية ما زال في مراحله الأولى، خاصة أنها نشأت بجهود ذاتية من القائمين عليها، مشيرة الى أن كثيرا من العقبات تقف أمام تقدمها في ظل وجود حالات كثيرة من الأطفال المصابين بمرض التوحد ومشاكل التخاطب والسلوك وغيرها، حيث تعمل الجمعية حاليا على  تحقيق عدة أهداف منها: تنمية مهارات التكامل الحسي لعلاج المشكلات الحسية، وتنمية حاسة التوازن لأطفال التوحد، وتنمية المهارات الحركية الدقيقة بزيادة قدرة الطفل على التركيز، إضافة إلى تحفيز الأسر لتقليل الضغوط النفسية التي تتعرض لها بسبب وجود حالة التوحد لدى أطفالها، وعلاج مشاكل النطق وزيادة التآزر الحسي والحركي للأطفال وتوعية وتثقيف الأمهات بكيفية اكتشاف مشكلة التوحد لدى أطفالهن ومعرفة طرق العلاج من خلال برنامج  البورتج".

برامج وأنشطة
وبينت العميا ان الجمعية تقوم على تطبيق عدة برامج تساعد على تحقيق تلك الأهداف في التعامل مع أطفال التوحد وطرق علاجهم بالتآزر مع الأهالي ومؤسسات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن الجمعية عكفت على عقد سلسلة من الورش على مستوى محافظة الوسطى للتوعية بهذا المرض لتعريف المجتمع به، وعمل جلسات خاصة بالأهالي لتعريفهم أكثر بكيفية التعامل مع الحالة وتقديم العلاج اللازمة لها وفق برنامج خاص يحدده الأخصائيون، إضافة إلى تنظيم لقاءات تلفزيونية وإذاعية لتعريف أكبر شريحة ممكنة من الجمهور بالمرض وطرق التعامل معه.

وقالت ان هناك عدة برامج تتبع في الجمعية من قبل أخصائيات مدربات للتعامل مع مثل هذه الحالات منها برنامج التخاطب لمعالجة مشاكل التأتأة لدى الأطفال، وبرنامج التوحد الذي تتبع فيه آلية خاصة لأصحاب هذه الحالات، وبرنامج البورتج لتعديل السلوك والتخاطب، وبرنامج أساليب التعزيز، وبرنامج "اوبلز" لتنمية قدرات الأطفال اللغوية، وبرنامج الحمية الغذائية لأطفال التوحد، مؤكدة أن هناك تصنيفات للمرض وتستخدم البرامج وفق تلك التصنيفات، حيث ان هناك حالات تعاني من طيف التوحد وهو أبسط الأنواع المرض، والدرجة الأولى وهي قريبة من التخلف العقلي.

وذكرت العميا ان الجمعية تتبع أنشطة علاجية مثل ممارسة الألعاب والاعتماد على الحركة والتخاطب بعيدا عن استخدام الأدوية التي تحتوي على المواد الكيماوية والتي تؤثر على صحة الأطفال سلبا، منوهة إلى أن هناك أسباب عدة للإصابة بمرض التوحد منها عامل بيولوجي وراثي حيث يكون الوالدان حاملين لجينات هذا المرض فيصاب به الطفل وهو أقرب إلى التخلف العقلي، وعامل فسيولوجي حيث يكون الطفل معرضا لمرض التوحد منذ الولادة ويكتشف عنده المرض في مراحل عمره الأولى، والعامل الأخير هو زواج الأقارب المنتشر بكثرة في قطاع غزة، فيكون الأطفال إما حاملين لهذا المرض أو مصابين به.

معيقات وصعوبات
وأضافت أن الجمعية تواجه كثيرا من العقبات والتحديات التي تقف عائقا أمام نهوضها مثل شح الإمكانيات المالية نظرا لأنها مبنية على جهود شخصية، إضافة غياب التنسيق بين المراكز الأخرى المعنية في هذا المرض خاصة انه يوجد 6 مؤسسات لمعالجة مرض التوحد ومركز وحيد على مستوى قطاع غزة، مبينة أن اغلب هذه المؤسسات تحتكر الخبرات والأخصائيين المدربين لها فقط دون أي تعاون مشترك مع باقي المراكز.

ونوهت إلى غياب تعاون بعض الأهالي في الاستجابة للأخصائيين والمساعدة في معاجلة أبنائهم، معتقدين أن علاج الجمعية يكفي لتحسين حالتهم، موضحة أن بعضهم يعمدون إلى إخفاء بعض المعلومات عن الأخصائيين حول أعراض مرض أطفالهم.

وأكدت أن ذلك لا يساعد في علاج الطفل في ظل نقص المعلومات حول طبيعة المرض وأعراضه، ولا يساعد على تصنيف حالته ووضع البرامج الخاصة لعلاجه، مشيرة إلى أن دور الأسرة كبير ومهم في معالجة حالات أطفال التوحد، خاصة إذا اتبعوا التعليمات التي يوجهها الأخصائي لهم لتنفيذها في المنزل.

وأردفت أن اغلب الحالات بحاجة إلى إشراف الأهل في المنزل، إلى جانب دور الجمعية في الرعاية، موضحة أن كثيرا من الأهالي يتواصلون مع المؤسسة للاطلاع على حالة أبنائهم، خاصة أن هناك جلسات دورية تعقد لبعض الأهالي لإعطائهم التعليمات الخاصة في كيفية التعامل مع الطفل في مختلف مراحل العلاج وحسب البرنامج المعد من قبل الأخصائيين.

وطالبت العميا بضرورة توحيد جميع المراكز في قطاع غزة تحت إطار واحد يشرف على هذه الحالات، إضافة إلى دعم الجمعية وتطويرها لتستمر بعملها بشكل أفضل، داعية جميع الأهالي إلى تقبل فكرة مرض أبنائهم والتعايش مع الظرف المرضي ليسهل التعامل معهم في المنزل، والتعاون مع الأخصائيين لعلاج أبنائهم بشكل جيد.

تحسن ملحوظ
وعبرت وداد الحاج جدة الطفل حمزة "5 أعوام" من مخيم النصيرات عن سعادتها لوجود الجمعية في محافظة الوسطى نظرا لقربها من منزلهم, مبينة أن العائلة تعبت كثيرا خلال السنوات الماضية من الذهاب لمراكز عديدة وأطباء كثر دون أي تحسن يطرأ على حالة طفلهم، إضافة أنهم ملوا تناوله للدواء الذي أرهقه، مشيرة إلى أن الجمعية ساعدت حمزة كثيرا وظهر تحسن ملحوظ على حالته.

ونوهت إلى انه أصبح يدرك ما يدور حوله بعد أن كان سلوكه مضطربا ويبكي تلقائيا عندما يبكي أمامه الأطفال الآخرون، وحركات يديه أصبحت أكثر اتزانا، وبات يعرف الجلوس جيدا بعدما كان يقفز كثيرا عندما يشاهد شيئا يحبه.

وأكدت الحاج ان حفيدها وبعد ذهابه إلى الجمعية وبدء التعامل معه من قبل الأخصائيين، أصبح أكثر إدراكا وانضباطا ويستطيع التحاور مع الآخرين، والتعامل معه بات في المنزل أفضل، وحركته جيدة غير مقلقة، مبينة أن جميع أفراد العائلة متعاونون مع الجمعية لمساعدة حمزة على التحسن.

وأكدت أن الأسلوب المتبع في علاج حمزة ممتاز، خاصة انه لا يعتمد على الدواء، بل يركز على الحركة والنشاط والقدرة على التخاطب والتحاور من خلال أنشطة وبعض من التعليمات التي تنفذ لعلاجه.

أما سناء أبو شاويش والدة الطفل إبراهيم "8 أعوام" الذي يعاني من التوحد منذ نعومة أظفاره نتيجة نقص الأوكسجين في الدماغ عند ولادته ومعاناته من ثقب في القلب، فقالت إن ابنها بدأ المشي في الرابعة  والنصف من عمره، إضافة الى انه يعاني من طيف التوحد، مشيرة إلى انه يحب أن يتعامل معه الجميع كقائد في كل شي، وهذا يعطيه شعور بالقوة ويجعله يستجيب لكل الطلبات والتعليمات إذا ما شعر أن الأمور تحت سيطرته.

ونوهت إلى أن المؤسسة من خلال الأخصائيين ساعدوها كثيرا في التعامل مع حالة طفلها، وأصبح يستجيب للتعليمات والعلاج في المنزل حسب البرنامج المعد له من قبل الأخصائية التي تتابع حالته.

وأشارت إلى أن الجمعية تتبع أساليب جيدة في علاج الأطفال وتساعدهم في تخطي الكثير من العقبات التي يواجهونها، خاصة في السلوك ومهارات اللغة والتخاطب والحوار مع الآخرين، مضيفة أنها شعرت بتحسن حالة ابنها عن ذي قبل بشكل اكبر، متمنية أن تتطور الجمعية وتكون هناك إمكانيات أكثر تساعدها في علاج اكبر عدد من حالات أطفال التوحد في محافظة الوسطى.

علاج من دون دواء
من جهتها أوضحت الأخصائية تساهيل الأخرسي أن جميع الأخصائيين في الجمعية يبتعدون عن استخدام الدواء في علاج الأطفال ويعتمدون على المهارات الحسية والحركية والبصرية من خلال برامج نفسية معدة جيدا وفق الحالات وتصنيفها.

وأشارت إلى أن حالة الكثير من الأطفال تحسنت عن السابق بشكل ملحوظ، موضحة أن التعاون من الأهالي وتقبلهم لفكرة مرض أطفالهم ومساعدة الأخصائيين في تطبيق بعض التعليمات في المنزل يساعد بشكل كبير على تحسن حالة الأطفال في فترة قصيرة.

وأكدت ان الجمعية تعتمد على تعليم الأطفال وعلاجهم من خلال الألعاب وبرامج العرض المصورة والتحاور اللفظي والاندماج مع الآخرين بشكل كبير، وأن كثيرا من الأطفال الذين يعانون التوحد يمتلكون مهارة الحفظ بشكل ممتاز وقد يفوقون أشخاصا طبيعيين بهذه القدرة والهبة التي يمتلكونها.

وأشارت إلى ضرورة دمج أطفال مرض التوحد في المجتمع لأن ذلك يساعد في علاجهم وتحسن نفسيتهم وتغلبهم على كثير من المشاكل، وإبعادهم عن كل ما يشتت ذهنهم ويحاصرهم في التخاطب بعيدا عن التعامل مع الأدوية الطبية، منوهة إلى أن هناك أسباب للإصابة بهذا المرض منها بيئي وهذا شائع في قطاع غزة بسبب الحروب المتكررة عليه، وانتشار الغازات السامة في بيئته بعد الحروب، داعية الجميع للعمل على دمجهم في المجتمع مع أقرانهم من الأطفال، ليشعروا بأنهم جزء من المجتمع وليسوا مهمشين بسبب مرضهم.
عن الحياة الجديدة

Za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024