الأحمد يتصل بالنائب سعد مهنئاً بالسلامة    في اليوم الـ195 من العدوان: قصف مدفعي مكثف على المناطق الجنوبية لمدينة غزة    انتشال جثامين 11 شهيدا في خان يونس    مجلس الأمن يصوّت غدا على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    مع دخول العدوان يومه الـ194: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    فصائل المنظمة في لبنان: قضية المعتقلين ستبقى حية وعلى سلّم أولويات شعبنا وقيادته    "أونروا": عثرنا في مدارسنا بخان يونس على قنابل لم تنفجر بوزن 450 كيلو غرام    مجلس الأمن يناقش اليوم التحديات التي تواجه "الأونروا"    الاحتلال يهدم منزل أسيرين في بني نعيم شرق الخليل    يوم الأسير الفلسطيني    المجموعة العربية في الأمم المتحدة تدعو جميع أعضاء مجلس الأمن إلى التصويت لصالح طلب دولة فلسطين لعضوية الأمم المتحدة    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 33,797 والإصابات إلى 76,465 منذ بدء العدوان    "فتح" في ذكرى اعتقاله الـ23: محاولات الاحتلال استهداف القائد مروان البرغوثي لن توهن إرادته    استشهاد طفل وإصابة شابين أحدهما بجروح حرجة خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس    إصابات جراء اطلاق الاحتلال النار صوب النازحين عند شارع الرشيد غرب غزة  

إصابات جراء اطلاق الاحتلال النار صوب النازحين عند شارع الرشيد غرب غزة

الآن

الثمانينية رفقة: "احمل مغزلك واتبعني"!

طوباس-  خصصت وزارة الإعلام الحلقة (51) ضمن سلسلة "أصوات من طوباس" لحكاية الثمانينية رفقة أحمد عبد الله، التي طوعت يداها الصوف، وتعرف أصول صناعة السجاد، وطرق تحضير السمن البلدي والزبدة، وفيما دخلت قلبها ألوان حرفية وتراثية منذ عقود.

تسرد: "أنا بنت 85 سنة، وأحس بأني بنت 14، وحين أحن إلى الصوف أحضر المغزل، وأبدأ بالنسج، وأتذكر طفولتنا في سهول طمون وجبالها، وأتمنى العودة إلى بيت الشعر والفلاحة، لأنتج كل ما أحتاجه بنفسي."

عرفت الراوية أسرار إنتاج الحبال لربط الأمتعة على ظهور الجمال، واتجهت لصناعة السفايف(الحبال المصنوعة يدويا من شعر وصوف الماشية) المستخدمة في تجهيز ما تحمله الخيول والدواب على ظهورها، وأتقنت طرق تصنيع الألبان والأجبان، واشتهرت بالسمن البلدي، والجميد، وتربية الدواجن، وجمع العسل، وتجفيف الخضار البلدية كالبندورة والبامية،  مثلما طافت جبال بلدتها، جنوب شرق طوباس، بحثًا عن أعشاب الأرض وحشائشها المتوارثة.
"أسلحة" ناعمة

تكمل الحاجة رفقة: علمتني أمي أمينة العمل اليدوي، وكنا نتنقل عبر الشريعة (نهر الأردن)، وندخل الضفة الشرقية متى نشاء، ونذهب إلى النهر للشرب وتعبئة الماء وغسل الأغنام، وأحفظ إلى اليوم مراحل تجهيز الصوف لغزله وإعداد الحبال والبُسط (نوع من السجاد المحلي)، التي  كانت تبدأ بغسل الصوف وتجفيفه ونفشه، وبعدها لفه على اليد  بعملية تسمى (فلة)  تصير (مدورة) تحيط باليد لتغزل تلقائيًا، ثم يُنقل إلى نول خشبي، يثبت بأوتاد الخيمة.

تقول: كان يحمل كل مغزل حملين، وكنا نسميه (بريم) يتحول إلى (حبل) ويصير (سدة)، وعندما تجتمع الحمال ( من 4-5) نحصل على الحبل الذي نريده، وقد بدأت بغزل الصوف ونسجه في السابعة عشرة،  وكنت أعمل طوال النهار لجمع كومة كبيرة من القش  تسمى بـ (غمر) لإنتاج أطباق ملونة منه، ثم أنتنقل بحثًا عن أنواع خاصة من الرمل لصناعة تجويف الطابون الدائري، وأعود إلى بيت عائلتي لجمع الحليب وتحويله إلى جميد وسمن بلدي يفتح النفس.

تزيد: عندما كنا نريد صناعة بسط نصبغ الصوف، ونحوله إلى خيط رفيع، ونمرر المغزل عليه، ونبدأ عملنا ونحن ننشد الشعر البدوي، ونتبادل الحديث، وأحيانًا نغني الشعر البدوي، والقصيد الذي يطربنا ويجعلنا نسرع في العمل أكثر.

كانت الراوية تمضي  وقتاً طويلاً  في جمع الحنطة وفصل القش عن سنابل القمح والشعير، وتحن كثيرًا إلى  لحظات صناعة تجويف الطابون، فتذهب إلى أراضي مخيم الفارعة وتحضر التراب الأبيض، ثم تبني شكلاً دائرياً على عدة طبقات، وسرعان ما ترفع بنيانها قليلاً ليصبح الحاضنة لبيت النار، في عمل تطوعي لمساعدة الجيران على إنتاج خبزهم.

توالي رفقة: "كنا نعمل زبدة في خلال إقامتنا في الأغوار، فنخض اللبن، ونخرج منه الزبدة، ونجمعها فترة أسبوعين، ونضيف لها العُصفر، ونضع بداخلها الجريشة ( القمح المجفف والمطحون) لتصفيتها من الماء، ونصفيها مرة أخرى. أما الجميد (الكشك) فنأخذه من اللبنة التي نجففها مرات طويلة، وننشرها في الشمس إلى أن تصير  مثل حجر الصوان.

واستنادًا إلى الثمانينية، فإن أدوات العمل لصناعة الجميد والزبدة تتمثل في الشكوة (وهي وعاء مصنوع من جلد الأغنام) و(الخضاضة) و(الساجورأوالعصا)، فيما تحتاج الشكوة ثلاث خشبات تسمى "الرواجيح" لنصبها بجوار بيت الشعر.

شوق للطبيعة

اعتمدت الحاجة عبد الله  في صباها على ذاتها في كل مفاصل حياتها، فكانت تزرع بمساعدة زوجها كل أنواع البقوليات والحنطة والخضار، وتخزن منتجات الأرض لبيتها، وتجمع الحطب من الجبال لتطهو على النار، وتربي الأغنام والدواجن للألبان واللحوم والبيض، وتوفر العسل البري من بين الصخور، وتجفف البندورة والبامية لتأمينها خلال الشتاء، وتصنع مربى القرايصة، وتطبخ  رب الرمان والخروب والقرع والبندورة، وتنتج البرغل من القمح، وتذهب ورفيقاتها إلى الجبال لجمع اللوف والجعدة والخبيزة والعكوب والزعتر والزعمطوط، وصنعت كثيراً الكراديش ( الخبز من الذرة البيضاء والبصل) وأحيانا من الشعير، واحتفظت بالزيت في جرار فخار (أوعية دائرية ذات فتحة صغيرة علوية)، وحرصت على توفير السمسم والقزحة والحلبة من أرضها، وتعاملت بالمقايضة، فبدلت القمح بالبيض والخضروات.

تروي: اختلف اليوم طعم كل شيء، وصار الدجاج واللحم يصنع صناعة، ويُطعمه أصحابه علف لا نعرف أصله وفصله، وتتحول في أيامنا البيضة إلى دجاجة كبيرة بعد شهر، والخرفان تأكل خلطات غريبة عجيبة.

لم تعرف الحاجة رفقة الدروب إلى المتاجر، وتعتبر الأجيال الحالية غير مؤهلة لمواجهة صعوبات الحياة، وتعتقد إنه في لحظة توقفنا عن إنتاج القمح والحبوب تراجعت صحتنا. وهي أم لثلاثة أولاد: إبراهيم، ومنصور، وعلي، ووخمس بنات: عائشة، وانتصار ورابحة، ونازك، ومنة الله.  ويتذكر أولادها ما وصل إليهم من مناهج الدراسة من قول ذاع صيته للمهاتما غاندي السياسي والزعيم الروحي الهندي: "احمل مغزلك واتبعني" الذي يشير إلى مقاومة المحتل البريطاني  بالاعتماد على الذات، ومقاطعة المستعمر.

ألوان وإعلام

بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف، إلى أن "أصوات من طوباس" تسعى إلى  تشكيل لوحة نابضة بالحياة ترسمها سواعد طوباس وإرادتهم، التي لا تصمد فقط في الأغوار المنهوبة، بل تبدع في يومياتها ومهاراتها.

وأضاف: نظمت الوزارة قبل أيام جولة لـ 45 إعلامياً إلى المحافظة، ورصدت بداية عودة عين الساكوت إلى أصحابها، وسلطت الضوء على الأعشاب الطبية التي تشق الخطى نحو أسواق عالمية، مثلما واكبت في السابق التهويد والهدم والنهب اليومي لسكان الأغوار، الذين يصرون على البقاء، رغم شظف العيش وإرهاب المحتل.

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024