الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا    مسؤول أممي: اكتشاف مقبرة جماعية في قطاع غزة "مثيرة للقلق" وندعو لتحقيق "موثوق"    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان  

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان

الآن

"ملعب البيادر"

يامن نوباني

بين ملعبين، الأول يبعد مسافة 3كم عن القرية وعلى مرمى متر واحد من اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، والثاني نصفه بات مكبا للنفايات والنصف الآخر طريق للشاحنات التي تخترق ارضية الملعب في طريقها إلى واد عبوين حيث تعبث المحاجر في الجبال والطبيعة.

لم يجد أطفال قرية اللبن الشرقية سوى قطعة أرض صخرية يطلقون عليها "البيادر" ملعبا يمارسون فيه هواياتهم وخاصة لعب كرة القدم.

في البدء تكون الحجارة، يُكلف الأولاد الأصغر سنا بجلبها، أو أولئك الذين يصلون مبكرين، ثم يأتي الأولاد الأكثر طولا ليقيسوا المسافة بالعين والخطوة "الفحجة"، ويكونوا المرمى. مُشكلين ملعباً طوله خمسين مترًا، وعرضه غير محدود، حدوده جدران البيوت من الجهات الأربعة أو بداية زفتة الشارع.

بعد الهدف الأول الذي غالبا ما يأتي في أول دقيقتين، تشتعل المباراة ويخلع قائد الفريق المهزوم كنزته ويصرخ بلاعبيه بأن يعودوا جميعا إلى الدفاع، ويكون نصيب حارس المرمى الأكثر من الشتائم.

يأتي لاعبون جدد، فيتم ادخالهم في المباراة، وفي حال كان العدد فردي يُعطى اللاعب الزائد للفريق الأضعف، وخلال اللعب تتم إزاحة حجارة ونفايات من أرضية الملعب بأقدام المهاجمين، أو حين يتسلى مدافعو الفريق المنتصر.

لا حَكَم، الأعلى صوتا والأكثر عنفا هو صاحب القرار النهائي في قضية المزاحمة والتكسير والسقوط أرضاً، وهو الذي يقرر إن كانت الكرة عالية جدا –فهنا يقاس ارتفاع المرمى بطول الحارس- أو أنها تعدت الخط الغير المرئي وأصبحت هدفا سليما.

حين لا تفلح الحجارة بأن تكون صائبة في قرارات الأهداف وصحتها، يتم اللجوء للعارضات، يسرق أصغر طفلين في الملعب ألواحا خشبية من ورشة قريبة، ويلتقط آخرون مسمارين صدئة ليقوم اللاعبون الكبار بدقها بالحجارة وتثبيت المرمى الجديد.

يجوع لاعب فيخطف قدميه سريعا إلى منزله القريب ليتناول بالعادة قطعة خبز مغمسة بالزيت والزعتر، وأحيانا يضيف إليها حبة بندورة أو خيارة، ويعود لأجواء المباراة.

تطير الكرة إلى بيت قريب، يهرع طفل مسرعا لتجنب وصولها إلى الباب واحداث إزعاج قد لا تعود بعده الكرة إلا بعد مشادات كلامية وتهديد ووعيد بشقها من المنتصف في حال تكررت الحادثة. وفي بعض الأحيان يخرج صوت عجوز أو امرأة مطالبا الأولاد بالتوقف عن اللعب أو حمل الكرة والاتجاه لأطراف القرية الوعرة والغير صالحة للعب.

شتائم وشكاوي للأهل لا تمنع الأولاد الذين اعتادوها، من أن يجتمعوا في أوقات بعد الظهيرة بشكل شبه يومي، ليبدؤوا تمضية نهار الصيف الطويل والحار في المشاكسة بكرة رخيصة وأحيانا مثقوبة.

أرض البيادر ظلت منذ عشرات السنوات ملعبا للأجيال الذين افتقدوا الخدمات الترفيهية في قريتهم، كما في الكثير من القرى التي تعاني من التهميش للمناطق الريفية، ومن سيطرة الاستيطان على معظم الأراضي خاصة المساحات التي تصلح لتكون متنفسا للسكان، كالجبال والوديان وينابيع المياه.

عبد الله ضراغمة (20 عاما) أحد اللاعبين، قال لـ"وفا": نلعب هنا لأن لا مكان آخر لدينا، وفي طفولتي كنت أشاهد أشقائي الكبار يلعبون هنا، فأصبح المكان ذاكرة للعب في الحارة.

الفتى موسى عويس، قال: بعد المدرسة لا نجد شيئا نلهو به، فنجتمع هنا بعد أن ننادي على بعضنا من البيوت، ونبدأ بتقسيم فريقين، ونلعب حتى التعب الشديد أو حتى الغروب، وحين يحل الظلام نعود إلى التجمع في الحارة لتبادل الحديث والمزاح، هذا ما يحصل في كل يوم.

حين يحل الظلام تنتهي المباراة، هذا وقتها، لا صفارة ينتظرها الأولاد لتنهي لعبتهم، العتمة هي صفارة النهاية، بينما تنتشر أضواء المستوطنات بكثافة زائدة عن الحاجة على التلال والجبال، كنوع من السيطرة والاطمئنان للمستوطنين.

ومما زاد الاختناق التي تعاني منه القرية مصادرة 400 دونم من أراضي المواطنين قبل عدة أسابيع لصالح انشاء مستوطنة جديدة بين مدينتي نابلس ورام الله، ومئات الدونمات الأخرى (577 دونم) من القرى المحيطة (سنجل، الساوية، قريوت)، ويشار إلى أن اللبن الشرقية هي آخر قرية تتبع مدينة نابلس ويبلغ عدد سكانها قرابة أربعة آلاف نسمة، ويجثم فوق أراضيها مستوطنات: عيلي، معالي لبونه، شيلو) اضافة إلى عدد من البؤر الاستيطانية: جفعات هروئيه، وجفعات هاريئيل، ونيفيه شير، وراحاليم وحي دان.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024