الطيراوي : على إسرائيل الانشغال ببيتها الداخلي بدلا من امنياتها العبثية حول اليوم التالي    وفد حركة "فتح" يطمئن على جرحى غزة في "مستشفى معهد ناصر" بالقاهرة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها إلى ثلاثة شهداء وسبع إصابات    غزة: شهداء وجرحى في سلسلة غارات اسرائيلية واقتحام مجمع ناصر الطبي واعتقال كوادر طبية    7 شهداء في غارة اسرائيلية على بلدة الهبارية جنوب لبنان    استشهاد شاب برصاص الاحتلال في جنين    مجلس الأمن يناقش الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على رفح والنصيرات وخان يونس    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    وفد "فتح" يطلع وزير خارجية مصر على الأوضاع الإنسانية والسياسية في الأراضي الفلسطينية    ناشطون يطلقون حملة لمقاطعة شركة (intel) الأميركية لدعمها نظام الفصل العنصري الإسرائيلي    ثلاث إصابات بالرصاص خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس    شهداء وجرحى في سلسلة غارات وقصف مدفعي بمحيط مستشفى الشفاء ومناطق متفرقة بالقطاع    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من مناطق متفرقة من الضفة    سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة  

سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة

الآن

ساحة المهد.. أمهات يردن اولادهن

يامن نوباني

إنها ساحة طفولة معظمهم، لعبهم وبيعهم للمسليات أو المشروبات الباردة والساخنة، ساحة شبابهم حيث لا يكاد فلسطيني لم يمشها، فكيف حين يكون تلحميا، إنها ساحة المهد.

فيها ألقى آباؤهم وربما بعضهم الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة على جنود الاحتلال وجيباته العسكرية، خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات حتى بداية التسعينيات وخاصة فترة الانتفاضة الأولى (1987-1993).

هنا سقط أشقاؤهم وأقاربهم وأصدقاؤهم، شهداء. هنا اشتبكوا وأطلقوا رصاصهم وصرخوا الله أكبر، وحوصروا بعدما ضاقت بهم المخابئ والمتاريس، في حصار المهد الذي امتد ل39 يوما (2-4-2002 / 10-5-2002) 250 مناضلا اضافة إلى أطفال التجأوا معهم إلى المهد، سقط من بينهم 9 شهداء وأصيب نحو 40 وأبعد 26 إلى غزة و 13 إلى دول أوروبية، وهنا تجلس أمهاتهم، يناجين الرب والضمائر الحية ليعودوا سالمين.

لكل أم أسير لوعتها الحارقة ودموعها الظاهرة والمخفية، غير أن ما تُمنحه من الوقت في برنامج "عمالقة الصبر" الذي تبثه شاشة تلفزيون فلسطين، هو ما بين النصف دقيقة والدقيقة لتقول شوقا وقهرا عمره اليوم سنوات طويلة، لكنها تكتفي بالدعاء لله أن تحتضن ابنها قبل موتها، فلا الزمان الذي صنعه الأبناء ولا التفاصيل التي بحاجة لتسردها الأمهات، يقدر برنامج تلفزيوني أو مقابلة اذاعية أو مكتوبة على أن تُروى الحكاية.

78 أسيرا من قدامي الأسرى أفرج عنهم الاحتلال، خلال العام 2013 فيما تراجع عن اطلاق سراح الدفعة الرابعة التي كان من المقرر ان تتم في اذار/مارس 2014،  ضمن 104 من الأسرى القدامى (قبل اوسلو 1994)  قرر الاحتلال الافراج عنهم.

تقول أم الأسير ناصر أبو سرور: كان من المفترض أن يخرج ابني ناصر ضمن الدفعة الثالثة من افراجات ما قبل أوسلو، قلبي بوجعني وبتمنى ليل نهار الفرج لابني ولجميع الاسرى، يا رب يطلع ناصر وانا عايشة وطيبة ع وجه الدنيا وأتملى منه، الي 25 سنة بستنى.

ابن عمه محمود ابو سرور توفي والداه وهما ينتظرانه، أمه تعرضت لجلطة بعدما تم استثناءه من افراجات ما قبل اوسلو، تقول أم ناصر: ام محمود انجلطت يوم ما طلع اسمه وانا اليوم حامل همهم الاثنين وامهم الاثنين، بقعد في الخيمة والله ما بشرب شربة المي وبروح على الدار وبعذب فحالي ع شربة المي وبقول سامحني يما يا ناصر هيني اشربت مي، والله بوكل لقمة الاكل عشان اوخذ الدوا وبقول سامحني يما يا ناصر، لأنه وصاني: كُلي وديري بالك على حالك واترضى علي يا يما.

يشار إلى أن الأسيرين ناصر حسن عبدالحميد ابو سرور (47 عاما)، ومحمود جميل حسن ابو سرور (46 عاما)، من مخيم عايدة شمال مدينة بيت لحم معتقلان منذ 5/1/1993 ، ومحكومان بالسجن المؤبد مدى الحياة بعد ان اتهمهما الاحتلال بالمشاركة في عملية قتل ضابط جهاز الشاباك "حاييم نحمانى" برفقه ابن عمهما الشهيد ماهر ابو سرور في ذلك العام.

ينتقل الصوت إلى أم اسماعيل حمامرة المحكوم بالسجن سبع سنوات، فتكون الكلمة الأولى هي البكاء. ثم تضيف: انا مضربة مع ابني اسماعيل من أول يوم أعلن فيه اضرابه.

إلى أم علي أبو هليل ابن بلدة الدوحة والمحكوم بأربعة مؤبدات، إلى أم منتصر زعول من حوسان والمحكوم ثماني سنوات، إلى أم الأسير علي عبيات المحكوم بالمؤبد، إلى أم الأسيرين ناصر صلاح والمحكوم مؤبد وخمس سنوات، وخالد صلاح المحكوم 10 سنوات، قالت: ولادنا دم ولحم وبذوبوا في السجون مثل الشمع.

الصوت مرة أخرى إلى والدة الأسير عرفات ابو شعيرة من مخيم العزة، والمحكوم ب28 سنة، بعد أن نجا من محاولة اغتيال في عام 2006 استشهد خلالها الشهيدان دانييل حمامة من بيت لحم واحمد مصلح من مخيم الدهيشة، التي اختصرت حديثها بالقول: احنا راميين حملنا على رب العالمين.

إلى أم الأسير سليمان ردايدة من العبيدية والمحكوم مدى الحياة ومعتقل منذ العام 2005، التي قالت خلال تعريفها بنفسها: أنا أم الأسير سليمان الذي لا يهاب الموت والأضراب، لا نريد لأولادنا أن يخرجوا على الحمالات، نريدهم أن يخرجوا كما دخلوا شبابا.

ينتقل الصوت إلى زوجة الأسير خالد صلاحات المعتقل منذ العام 2006 والمحكوم بالسجن 25 عاما، الاسير صلاحات كان برفقة الشهيد حسين عبيات لحظة اغتياله فأصيب ب47 شظية، إلى صوت والدة الأسير جواد جواريش المحكوم بمؤبد و30 عاما، ومعتقل منذ العام 2002، تقول: اولادنا لا يطالبون إلا بتهوية جيدة ومطبخ يديرونه ويأكلون فيه لقمة هنية.

تنتقل الصورة إلى أم عيسى البطاط، المحكوم ثلاثة مؤبدات وأربعين عاما، وتحمل إلى جانب صورته صورة حفيدها الذي يبلغ من العمر 17 عاما، ومعتقل منذ عام ومضرب عن الطعام، تقول عيسى أمضى 22 عاما في سجون الاحتلال وآخر اعتقال والمستمر الى الان مر عليه 14 عاما. ثم أم الشهيد محمد علان المحكوم 12 مؤبدا، تقول: أولادنا قدموا زهرة شبابهم من أجل الوطن، الله يوقف معهم ويحقق مطالبهم.

"قرب رمضان والناس فيه بتضبضب، أما أنا فبقعد لحالي لأنه ما في عندي غيره وأخوه الثاني مسافر!" تقول والدة الاسير محمد فارس حمامرة المحكوم بعشر سنوات ونصف، وتضيف: أملنا في الله كبير، هو الذي يطعمهم من جوع ويأمنهم من خوف. ينتقل الصوت إلى أم رياض العمور، المحكوم مدى الحياة، تقول: ابني مريض وحالته الصحية سيئة لكنه أصر على الاضراب وأريد أن أراه قبل أن يصيبه مكروه، اريده حيا.

شقيق الاسير علي عبيات، يحيى عبيات (18 عاما)، برغم من وضعه الصحي (يعاني من متلازمة دوان) فهو شبه مقيم في خيمة التضامن، صعوبة بالغة في النطق لم تكن عائقا أمام فهم شعوره الوطني والأصيل، وكان دمعه شاهدا حيا على مدى تؤثره بإضراب شقيقه علي المحكوم مدى الحياة والمعتقل منذ العام 2003.

"أنا هيام العزة خالة الأسير أحمد العزة 40 عاما، محكوم 21 مؤبدا معتقل منذ عام 2003، أمه توفيت في العام 2009، أما والده فتوفي حين كان عمره 5 سنوات، وله شقيقة وضعها الصحي لا يسمح لها بالقدوم إلى الخيمة". تقول: أنا الوحيدة التي يسمح لها بزيارته، أمه قالت لي وهي على سرير الموت: يختي وصاتك احمد انت الك ابن وخلي احمد ابنك الثاني.

هكذا تمضي الأمهات نهارهن في خيمة "المهد"، وليلهن في الدعاء إلى الله، ينظرن بقلوب ترى البعيد البعيد أولادهن قادمون.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024