الطيراوي : على إسرائيل الانشغال ببيتها الداخلي بدلا من امنياتها العبثية حول اليوم التالي    وفد حركة "فتح" يطمئن على جرحى غزة في "مستشفى معهد ناصر" بالقاهرة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها إلى ثلاثة شهداء وسبع إصابات    غزة: شهداء وجرحى في سلسلة غارات اسرائيلية واقتحام مجمع ناصر الطبي واعتقال كوادر طبية    7 شهداء في غارة اسرائيلية على بلدة الهبارية جنوب لبنان    استشهاد شاب برصاص الاحتلال في جنين    مجلس الأمن يناقش الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على رفح والنصيرات وخان يونس    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    وفد "فتح" يطلع وزير خارجية مصر على الأوضاع الإنسانية والسياسية في الأراضي الفلسطينية    ناشطون يطلقون حملة لمقاطعة شركة (intel) الأميركية لدعمها نظام الفصل العنصري الإسرائيلي    ثلاث إصابات بالرصاص خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس    شهداء وجرحى في سلسلة غارات وقصف مدفعي بمحيط مستشفى الشفاء ومناطق متفرقة بالقطاع    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من مناطق متفرقة من الضفة    سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة  

سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة

الآن

ورحلت فاطمة صُبح.. أي قلب يتسع لكل هذا الحزن؟

 رحلت فاطمة خالد صبح بصمت لتلحق بولديها الشهيدين: فادي ومالك. ودّع مخيم الفارعة ظهر اليوم "أم مالك" في جنازة مهيبة، فيما سيظل بيتها بعد اليوم مغلقًا.

واستردت وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية في الحلقة (40)  ضمن سلسلة "كواكب لا تغيب" حكاية أم مالك، المنحدرة من قرية الريحانية قضاء حيفا، والمولودة عام 1952 داخل مخيم الفارعة، لكن عملية "القسطرة" التي أجرتها في أحدى مستشفيات رام الله أمس أوقفت قلبها عن "العزف" وللأبد.

وسردت صبح (65 عاما)، خلال إطلاق "كواكب لا تغيب"، السلسلة التي تنظمها الوزارة بالتعاون مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية شريط ذكرياتها المبلل بالحزن، وقالت حينها: "خسرت الشهيدين فادي ومالك، وسبقهما أبوهما، وبقيت وحيدة مع جرحي الذي لم يلتئم. ولا أستطيع نسيان الساعة الواحدة والنصف من ليل يوم  الجمعة 29 تشرين أول 2006، حين عاد فادي إلى المنزل بحثًا عن ملابس شتوية، يحتمي بها من البرد، ولم يطلب مني كعادته القهوة والشاي، حتى أنه لم يرد عليّ، وأسرع إلى  الخارج، وعرفت لاحقاً أنه توجه إلى منطقة جبلية  مقابلة لمخيم الفارعة، وبعد وقت قصير، جاءنا خبره".

 

فادي ومالك

ومما حفظته ذاكرة الأم الجريحة، والراحلة أيضا، يوم شاهدت سيارة الإسعاف تمر في طرقات المخيم، وشعرت بأن شيئا ما يخبرها بمصيبة كبيرة خلف هذا الصوت المنبعث بسرعة، وهذا ما حدث بالفعل.

وتتابع: كان شعر فادي طويلاً ومتدلياً، وكان متفوقاً في دراسته، ويحلم أن يصبح أستاذاً، قبل أن يقرر تركها وهو في بدايات "التوجيهي"، ما دفع المدير أبو جلال القدومي للاستغراب كثيراً. وكان يطلب مني أن أطبخ له المقلوبة وورق العنب كثيراً، وحين أحضرها اليوم أشعر بالوجع.

ومضت تقول: "اشترى ابني بلوزة حمراء للعيد، وأعاد البحث عن واحدة مشابهة لها من نابلس، وهي ذاتها التي استشهد فيها، ولا زالت معي، ولن أفرط بها إلا بموتي."

وتعرض فادي (27 عاماً) لثلاث إصابات، خلال انتفاضة الأقصى، وبدأت معه قصة علاج طويلة في القدس ونابلس والأردن وحتى إيران، لكن الرابعة كما تقول الأم، كانت القاضية.

وروت صبح حكاية جرحها الثاني: استشهد مالك بالتدريج، فقد أصيب يوم 9 تموز 1989 بأزقة مخيم الفارعة بالقلب، وظلت الرصاصة تستوطن جسمه، وتسبب له الوجع، دون أن يتمكن من إجراء عملية جراحية باهظة التكلفة لاستئصالها، إلى أن غادرت روحه إلى السماء في 2 نيسان 2008.

 

شهيدان وقلب

وقالت: أصيب مالك وهو طفل، واستشهد ابن 36 سنة، بعد أن تزوج وأنجب: نور، ومحمد، وعبد الرحمن، ورونزا، لكنه مات مئة مرة قبل الرحيل؛ لشدة الوجع، ولعدم قدرتنا على علاجه، الذي لم يساعدنا أحد لتوفيره.

شاهدت الوالدة المكلومة الجندي الذي أطلق النار على ابنها، خلال انتفاضة الحجارة، فقد كان بعيدًا عن فلذة كبدها 30 متراً تقريبَا، واجتمع عشرة من لواء "جولاني" حوله بعد الإصابة.

وبحسب شهادة الأم الراحلة، فإن مالك كان مولعًا بالأطباق نفسها التي أحبها شقيقه فادي ( الملوخية الخضراء، وورق العنب)، وكان أقصر من أخيه، ويتفاخر بشعره كثيرًا، ويمضي وقتًا طويلاً على المرآة.

والمشترك في قصة الشهيدين الأخوين، عيشهما مع رصاصة استقرت جسديهما، الأول احتلت مكانًا قريباً من قلبه، والثاني استعمرت الظهر والفخذ، فيما رحل والدهم عبد نمر عام  1994، الذي كان يعاني أمراض الجهاز التنفسي، بعد استنشاق الغاز المسيل للدموع، أطلقه جيش الاحتلال على شبان الفارعة. تاركاً الزوجة والأم في رحلة وجع طويلة، وصلت الليل الفائت إلى نهايتها.

 

أحزان نقيّة

واصطبغت أزقة مخيم الفارعة  بالحزن على الأم الراحلة ونجمة  قرية "الريحانية" المُدمرة، وكتب الناشط المجتمعي عمر منصور، على موقع "فيس بوك": "أُغلق باب أم مالك للأبد. فاطمة خالد ذيب صبح رحلت هذه الليلة لتغلق صفحةً حزينة من المأساة الفلسطينية. رحلت فاطمة ولن نمرّ عليها تجلس باب بيتها الصغير كل صباح، سيبكيك فقراء المخيم طويلاً." وتساءل: "أي قلب كان يتسع لكل هذا الحزن؟"

فيما باحت رئيسة اتحاد المرأة في طوباس ليلي سعيد بحزن: ستفتقد شوارع الفارعة وحاراتها أم مالك كثيرًا، التي كانت تجلس كل صباح أمام منزلها، وتلقي عليها نساء المخيم التحية المعتادة، ويجلسن بجوارها قليلاً قبل أن يكملن المسير.

وأضافت: "مرارة الرحيل في قصة فاطمة كبيرة، فهي التي حرمت من  قريتها القريبة من حيفا، وعاشت حياة صعبة بعد النكبة، وهي بحق خنساء الفارعة"، التي صبرت على الجرح وتوقف قلبها بعد وجع طويل.

فيما قال الستيني فؤاد صبح، الذي يلاصق بيته منزل الراحلة: خسرنا رمزًا للنضال والصبر في مخيمنا، وفقدنا حاملة هموم الدنيا، التي اكتوت بنار الفقر.

وتابع: سكنت في قلب جارتنا أم مالك حسرة  كبيرة بعد فراق ولديها وزوجها، وعاشت مع أمراض عديدة، وكانت خزانتها مليئة بأنواع الأدوية، وصبرت على الجمر والمر، ورغم كل هذا كانت عزيزة النفس.

ـــــــــ

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024