فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا  

استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا

الآن

سيرة الإحصاء في حياة فلسطيني

 جميل ضبابات

عندما أجرت الحكومة العثمانية إحصاء النفوس الأخير في فلسطين عام 1914 كان راضي صلاحات يبلغ من العمر نحو عامين.. بعد 8 سنوات أحصي الطفل مرة أخرى، لكن من سلطات أخرى، هي الانجليزية، التي أعادت احصاءه مرة أخرى عام 1931.

لكن القصة لم تنته هنا.

انسحبت بريطانيا العظمى من فلسطين تاركة جزءا من فلسطين الكبيرة في يد إسرائيل الوليدة كقوة احتلال هجرت الفلسطينيين واستولت على منازلهم واحدثت خللا كبيرا في أعداد السكان، وأصبحت قرية الباذان في الضفة الغربية التي كانت لا تزال بعيدة عن الاحتلال نحو 19 عاما، ضمن الولاية الأردنية، فخضع الشاب إلى إحصاء جديد.

لم تكتمل قصة عد صلاحات بعد.

اجتاحت قوات الاحتلال ما تبقى من فلسطين الطبيعية عام 1967، وأعيد إحصاء الرجل مرة أخرى من قبل القوة المحتلة التي دفع احتلالها إلى تهجير سكان آخرين من الضفة الغربية إلى أماكن الشتات في العالم.

وللقصة بقية. فقد حدثت تحولات سياسية كبرى في المنطقة.

وأفضت مفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال إلى الإعلان عن اتفاقات أوسلو وتسلمت السلطة الجديدة صلاحيات إدارية وأمنية في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، وأجرت منذ عام 1997 حتى اليوم 3 جولات إحصاء، أحصي ضمنها صلاحات فردا يزداد عمرا لكنه يسكن في ذات المنطقة.

بعد 106 سنوات من عمره، يجلس الرجل سعيدا بعدد محدود من زهور النرجس التي قطفها بعض أحفاده من سفح جبل مجاور ووضعت أمامه في غرفة استقبال بيت احد أحفاده، وهو يقول "رنجس حلو" وهو اسم مرادف يطلقه الفلسطينيون على هذا الصنف من الزهور ذات الرائحة الفواحة وينبت ويزهر في مثل هذا الوقت من السنة.

يضيف "أحبه وأحب الجوري".

على مقربة من مئات الأمتار كانت والدته قد أنجبته وعاش طيلة حياته في قرية تكبر وتتغير، وأحصي مرات عديدة من قبل انظمه ادارية وعسكرية مختلفة.

وفقط قبل عدة أيام أحصي صلاحات مرة أخرى. "جاءت (..) سمعت ان هناك إحصاء". قال بحديث متقطع يسوده الصمت وعدم القدرة على إكمال الحديث.

منذ أن تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية، أجرى الفلسطينيون ثلاثة تعدادات سكانية عامة. وقالت رئيس الجهاز المركزي للإحصاء "علا عوض لمراسل "وفا" إن الفلسطينيين في الساعات الأخيرة للانتهاء من هذا التعداد".

جالسا بين خمسة من نحو 160 من أحفاده وأحفاد أولاده يشير صلاحات إلى تغير الأنظمة التي أجرت تعدادا في فلسطين.

وقال لمراسل "وفا" إنه يكاد يذكر التعداد الذي اجري ايام بريطانيا.

كانت بريطانيا التي حكمت فلسطين منذ انتهاء الحكم العثماني عام 1917 حتى 1948 أجرت تعدادين عامين للسكان في فلسطين الطبيعية. عندما اجري التعداد الاول الذي تشير نتائجه حسب وثائق بريطانية الى ان عدد الفلسطينيين كان في عام 1922 (757.182) ساكنا من ضمنهم اليهود.

كان راضي طفلا في العاشرة من عمره واحد من أولئك الذين شكلوا تعداد الفلسطينيين في ذلك الوقت. لكن عندما أحصت سلطة وطنية فلسطينية لأول مره في عام 1997 كان راضي كهلا في الخامسة والثمانين من عمره واحدا من ضمن 2.783.084 فلسطينيا.

اما عندما احصى في المرة التالية عام 2007 كان ما زال الرجل في كهولته واحدا من 3.719.189.

وقالت عوض "نتائج التعداد الأخير ستظهر في نهاية شهر شباط او بداية اذار القادمين كحد أقصى".

وحسابيا سيزداد الفلسطينيون بنسبة 30% عن عددهم السابق.

في حياته المديدة عايش صلاحات نموا كبيرا في عدد سكان فلسطين، ومن تلة مشرفة على منطقة الباذان شمال محافظة نابلس، وهي منطقة سياحية مشهورة في الضفة الغربية بينابيعها وخضرتها الدائمة، شهد ايضا الرجل النمو في الابنية التي تزايد عددها كثيرا في العقدين الاخرين.

وحسب عوض فقد شارك نحو 11 ألف شخص في عملية التعداد الاخيرة التي شملت السكان والمساكن والمنشآت.

قالت علا عوض، "اليوم آخر ايام العد الفعلي. قد يكون هناك استثناء للقدس ورام الله والبيرة".

وقال وحيد شحروري وهو مدير التعداد في محافظة نابلس "في الباذان كان هناك ثلاث فتيات يقمن بعملية العد وانهين عملهن".

وحسب مؤشرات رسمية منشورة فقد بلغ عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة منتصف العام الماضي اربعة مليون و816 الف.

وقالت عوض "نعمل حسب المعايير الدولية ومعايير الأمم المتحدة (..) هناك بعثات تقييمية، ونحن بصدد استقبال بعثة أممية".

في العام 2007 كان صلاحات واحدا من 2.458 من سكان قريته. في العام 2016 حسب تقديرات جهاز الإحصاء، كان الرجل واحدا من 3.016 .

حتى شباط القادم وظهور العدد الأخير رسميا سيكون الرجل واحدا من الشهود على تاريخ قرن من سيرة التعداد في فلسطين.

جالسا على أريكة وثيرة كل حديث عن العمر يفضي إلى ابتسامة عريضة للرجل. وأشار وهو يغادر الغرفة إلى الفضاء الواسع في القرية إلى سلسلة المنازل التي دشنت في السنوات الماضية هنا.

وقال "هنا يطلع النرجس منذ ولدتني أمي". وهو بذلك يشير إلى احد السفوح الجبلية التي بنيت منازل عائلته الكبيرة عليها واجري إحصاء عدد منها للمرة الأولى .

وضم أصابعه إلى بعضها البعض وقربها كثيرا من انفه وهي حركة تشير إلى قبول رائحة تلك الزهور.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024