الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا    مسؤول أممي: اكتشاف مقبرة جماعية في قطاع غزة "مثيرة للقلق" وندعو لتحقيق "موثوق"    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان  

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان

الآن

"تسور" عاد.. لكن صايل اشتية لن يعود!

زهران معالي

في ظهيرة الـ27 من أيلول عام 2004 كانت عائلة صايل اشتية تنتظره على الغداء، وصل يحيى أصغر أبنائه للبيت من مدرسته مبكرا على غير عادته؛ بعد أن أوصله والده بمركبته وغادر ليبحث عن قوت يومه، إلا أن رصاص المستوطن "يوشوع ايلي تسور" حرمهم هذا الغداء الأخير.

تقف منى اشتية من قرية سالم، على سطح منزلها المطل على الطريق الالتفافي لمستوطنة "ألون موريه" المقامة على أراضي المواطنين شرق نابلس، تتذكر تاريخ نكبة عائلتها قبل أربعة عشر عاما.

قبيل أن تسدل الشمس خيوطها خلف الجبال الشرقية لنابلس، أشارت اشتية (55 عاما) بيدها إلى الطريق الواصل بين حاجز بيت فوريك ومستوطنة "ألون موريه"، قائلة: "هناك أعدم المستوطن تسور زوجي صايل"، فيما لاحت عينها لمستوطنة "ايتمار" على الجبل المقابل، حيث كان يستوطن القاتل الهارب.

وتوضح أم شريف لـ"وفا": أثناء توجه صايل، الذي كان يعمل سائق حافلة تنقل البضائع والركاب بين نابلس وبقية المحافظات، لمدينة طوباس لنقل مآذن لأحد المساجد فيها ونقل الركاب، اعترض طريقه تسور وأطلق النار عليه من بندقية "M16".

ووفق من كان يرافق صايل من الركاب، فإن المستوطن تسور طلب من الشهيد التوقف وصار باتجاهه وأطلق عليه رصاصة من مسافة قصيرة أدت لاستشهاده، وأدانت محاكم الاحتلال تسور لكن قبيل صدور الحكم ضده فر من دولة الاحتلال الإسرائيلي في عام 2005، وبقي متخفيا حتى اكتشف عام 2015 في مدينة سان باولو البرازيلية.

وقبل أسبوع، سلمت البرازيل تسور لدولة الاحتلال التي تقدمت بطلب لاستلامه، وبعد عملية قضائية طويلة، حيث خضع لجلسة محاكمة في محكمة تل ابيب يوم الخميس الماضي.

"صايل متصاوب برصاص مستوطن، تفاجأت بوجود حركة جنونية على حاجز بيت فوريك، ابن عمي أخبرني انه استشهد، فقدت الوعي". تضيف زوجة الضحية.

وتابعت: "الاحتلال احتجز جثمان صايل ليومين لمعرفة سبب الوفاة الذي كان واضحا للجميع!".

استشهاد صايل ترك مسؤولية كبيرة على كاهل أم شريف في تربية الأبناء الستة بينهم اثنان كفيفان، وكان أكبرهم اخلاص في الثانوية العامة وأصغرهم يحيى (7 أعوام)، إلا أنها استطاعت أن تتغلب على تلك الظروف القاهرة وتعليم أربعة من أبنائها.

لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يترك العائلة المكلومة أن تعيش بسلام، فقبل سبعة شهور اقتحمت قوات كبيرة من الجيش منزلهم واعتقلت ابنهم الكفيف محمد واتهمته بارتكاب عدة تهم "لا يقدر المبصر على القيام بها"، وفق والدته.

وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال محمد دون محاكمة، فيما مارس محققو الاحتلال عليه ضغوطا خلال التحقيق الذي استمر 36 يوما، رافضين القبول بفكرة أنه كفيف، رغم التقارير الطبية ومنها الإسرائيلية التي تؤكد فقدانه للبصر بشكل تام.

"الشهيد صايل خدم 19 عاما في توزيع الغاز داخل أراضي الـ48 قبل الانتفاضة".. تضيف أم شريف.

ومنذ استشهاد صايل لم تقوَ أم شريف على الوصول لأرضها القريبة من مكان استشهاده، خوفا على أبنائها من إرهاب المستوطنين.

ورغم عدم ثقتها بالقضاء الإسرائيلي، إلا أن أم شريف تأمل أن يأخذ القانون مجراه، ويحاكم المستوطن تسور على جريمته وتعوضها وأبناءها عن فقدان معيل العائلة الوحيد.

"كلما قتل المستوطنون أو جيش الاحتلال فلسطينيا أتذكر جريمتهم البشعة بحق العائلة، كوننا تذوقنا الحسرة ومرارة الإجرام ذاته". تؤكد أم شريف.

اخلاص (30 عاما)، أكبر أولاد الشهيد صايل عرفت بذاتها "أنا بنت الشهيد وأخت الأسير، أنا بنت العائلة التي تختصر تاريخ الشعب الفلسطيني، تاريخ الألم والمعاناة، نحن أسرة شهيد وأسير وأشخاص ذوي إعاقة، أسرتنا تلخص كيف يعاقب الاحتلال الضحية كونه ضحية".

وتقول اخلاص التي تعاني من فقدان البصر منذ ولادتها، لـ"وفا"، "لما خرجت للمدرسة صباحا، لم أقل لأبوي مع السلامة كنت مفكرة أنه سيعود للبيت، ما كنت مفكره أنه آخر يوم أسمع صوت أبوي".

وتتابع: "أنا لم أكن أشعر بأني كفيفة، لكن مع استشهاده فقدت عيوني والشخص الحنون الذي لم يشعرني هو ووالدتي يوما بالنقص، دائما كان يميزنا أنا وشقيقي محمد".

"المستوطن أفقدني بصري، ونزع عنصر السعادة من أسرتنا وأدخل الألم عليها، لم نشعر بالإعاقة في ظل وجود والدي رغم ضعف الحالة المادية للعائلة، "تسور" العنصر الرئيسي في تعاسة وحزن أسرتنا الأزلي".. تؤكد  اخلاص.

ورغم رفض إخلاص المتكرر إكمال التعليم عقب استشهاد والدها، الذي لم تشعر بألم الإعاقة كألم فراقه، استطاعت تجاوز كل تلك الأزمات بمؤازرة من والدتها ومديرة مدرستها والنجاح في الثانوية العامة، وأكملت تعليمها الجامعي في تخصص اللغة الانجليزية، كما أنهت درجة الماجستير في الترجمة واللغويات التطبيقية.

ولا تخفي اخلاص السخرية من ادعاء الاحتلال بأن قاتل أبيها قد هرب، قائلة "أشعر بالسخرية من دولة الاحتلال فلو ألقى فلسطيني حجر على دورية للاحتلال لاعتقل مباشرة، لكنها دولة تبرر الجريمة لمرتكبيها سواء كانوا عساكر أو مدنيين بالهرب".

وتجمع عائلة الشهيد صايل على عدم ثقتها بالقضاء الإسرائيلي في إنصاف حقها والقصاص من قاتله.

ــــ

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024