الطيراوي : على إسرائيل الانشغال ببيتها الداخلي بدلا من امنياتها العبثية حول اليوم التالي    وفد حركة "فتح" يطمئن على جرحى غزة في "مستشفى معهد ناصر" بالقاهرة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها إلى ثلاثة شهداء وسبع إصابات    غزة: شهداء وجرحى في سلسلة غارات اسرائيلية واقتحام مجمع ناصر الطبي واعتقال كوادر طبية    7 شهداء في غارة اسرائيلية على بلدة الهبارية جنوب لبنان    استشهاد شاب برصاص الاحتلال في جنين    مجلس الأمن يناقش الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على رفح والنصيرات وخان يونس    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    وفد "فتح" يطلع وزير خارجية مصر على الأوضاع الإنسانية والسياسية في الأراضي الفلسطينية    ناشطون يطلقون حملة لمقاطعة شركة (intel) الأميركية لدعمها نظام الفصل العنصري الإسرائيلي    ثلاث إصابات بالرصاص خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس    شهداء وجرحى في سلسلة غارات وقصف مدفعي بمحيط مستشفى الشفاء ومناطق متفرقة بالقطاع    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من مناطق متفرقة من الضفة    سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة  

سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة

الآن

أسماء الفلسطينيين مُشبعة بالحنين

 يامن نوباني

لطالما كان المرء مُرتبطاً بوطنه الأم، لكن أن يعلّق الوطن كقلادة على قلب القلب، فهذا لا يحدث إلا لدى الفلسطينيين، أبناء اللوز، أحفاد الزيتون.

منذ أكثر من ستين عاما وهم يعلقون مفاتيح بيوتهم المهجرة على صدورهم توثيقا للرائحة قبل المكان، وللمكان قبل الحضور، لذا تراهم يعمّدون أبناءهم بأسماء مدنهم وقراهم، فالمكان أيضا قادر على تخطي الزمن إن أراد صاحبه ذلك، ولكي تبقى البلاد حاضرة في اللغة والقلب والذكريات، أطلقوا على بناتهم أسماء مدنهم كي يعبروا بإمكانياتهم 'زهايمر' الجغرافيا، وكي يثبتوا أن 'البعيد عن العين ومهما بعد يظل قريباً من القلب'.

'كرمل' و'يافا' و'صفد' و'مجدل' و'بيسان'، كلها أسماء أطلقها الفلسطينيون على بناتهم الجميلات وحفروها في أوراقهم الثبوتية إلى الأبد، رغم أنياب المحتل وأسنان دباباته، المصابة بعمى ألوان، والتي لا تفرق بين عظام بيت، وشقاء أب، بين ضحكة طفل وقلب أم.

تسمع عن أب فلسطيني سمى ابنته على اسم تاريخي لمدينة القدس لشدة ولهه فيها، وجاء ذلك صدفة حينما كان يقرأ كتاب 'المفصل في تاريخ القدس' وقرر أن يكون اسم المولود 'ايلياء' غير آبه إن كان المولود ذكرا أم أنثى، المهم هو أن يوثق حبه لبلده بالنداء على أطفاله.

'إيلياء' يُنسب إلى إيلياء بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، وأعيد إطلاق ايلياء على القدس في زمن الإمبراطور الروماني 'هادريان' وبدل اسمها إلى 'إيليا كابيتولينا'، وصدر الاسم 'إيليا' وهو لقب عائلة هادريان. و'كابيتولين جوييتر' هو الإله الروماني الرئيس، وظل اسم إيليا سائدا نحو مائتي سنة.

وتقول إيليا أبو غربية (24 عاما) من رام الله: أشعر بالحظ السعيد، فأنا أحمل الاسم وهو يحملني، رغم أني لم أدخل القدس إلا مرة واحدة، والجميل أن لا أحد ينسى اسمي لارتباطه بقدسية المكان.

أما 'كرمل' فهو اسم شائع الصيت لدى الفلسطينيين، فالكرمل كرمل الروح قبل أن يكون النهاية الشمالية لجبال نابلس، وهو الجبل الذي تنام على كتفه مدينة حيفا البهية، والمعروفة بتاريخها الفلسطيني العريق وقطارها المشهور خط حيفا – بيروت – طرابلس.

تقول كرمل خالد من مخيم عايدة في بيت لحم: أشعر أني الوحيدة التي تحمل هذا الاسم، وأشعر أني مسؤولة عنه، عن شموخ جبل الكرمل، خضرته الدائمة وسنديانه العالي، كنّا نعيش في  أبو ظبي وكان أبي كثير الاستماع لإذاعة دمشق ويعشق دالية الكرمل، فسماني نسبة إليها.

'أبتسم حين ينادونني باسمي وأتذكر أن أبي المغترب عن فلسطين في الكويت، كان يشعر بحنين قوي للبلاد أواخر ثمانينيات القرن الماضي، فأسماني 'بيسان'، وكنت طفلته الأول.، وتكمل بيسان عابد من قبلان في نابلس: بيسان أقدم المدن التاريخية الفلسطينية، والتي تقع جنوب مدينة الناصرة وشرق مدينة جنين، وتتميز بطبيعتها الخلابة، لذا فإنني أشعر منذ نعومة أظافري بالمرح وكأنني حين أمشي تمشي الأشجار معي.

أما 'صفد' المشهورة بأشجار الزيتون وعرائش العنب، وتاريخها العريق كمركز اقتصادي مهم في الجليل، فتقول عنها صفد قدورة (26 عاما): وُلدت في الناصرة بعد أن هُجّر معظم الفلسطينيين عام 1948 من صفد إلى سوريا، ونجونا بأعجوبة، حيث حدثتني جدتي أنهم اختبأوا جميعاً خلف أكوام من القش كي يفروا من مذابح اليهود، فسمتني صفد، وصرتُ أحس أنني امرأة بحجم مدينة، وأنا صفد مدينة بملامح امرأة فلسطينية.

'يافا'، يافا البحر والبرتقال، التاريخ والفتنة، حي العجمي وبرج الساعة والنزهة، دور الطباعة والنشر، يافا دور السينما - سينما الحمراء -، يافا عاصمة فلسطين الثقافية، تقول يافا عبد الرحيم (19 عاما) من رام الله: حينما يناديني أحدهم أشعر أنه ينادي على الوطن بأكمله، فيافا ليس اسمي الشخصي فحسب، بل هي أربع حروف غالية على قلب كل فلسطيني، وحين وُلدت قرر عمي وجدتي تسميتي 'يافا' ووافق والدي مسروراً، لشدة تعلق أهله بأصلهم اليافاوي، وأعشق هذا الاسم، فالجميع يقول لي: يافا اسمك جميل وأصيل.

إنها بلادنا الفاتنة، تمُد الوجوه المسماة على أسماء أماكنها بالجمال والتميز، وباقية في عقود الفضة على الصدور، وأقمشة التطريز بيد العجائز.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024