الطيراوي : على إسرائيل الانشغال ببيتها الداخلي بدلا من امنياتها العبثية حول اليوم التالي    وفد حركة "فتح" يطمئن على جرحى غزة في "مستشفى معهد ناصر" بالقاهرة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها إلى ثلاثة شهداء وسبع إصابات    غزة: شهداء وجرحى في سلسلة غارات اسرائيلية واقتحام مجمع ناصر الطبي واعتقال كوادر طبية    7 شهداء في غارة اسرائيلية على بلدة الهبارية جنوب لبنان    استشهاد شاب برصاص الاحتلال في جنين    مجلس الأمن يناقش الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على رفح والنصيرات وخان يونس    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 32414 شهيد و74787 إصابة    وفد "فتح" يطلع وزير خارجية مصر على الأوضاع الإنسانية والسياسية في الأراضي الفلسطينية    ناشطون يطلقون حملة لمقاطعة شركة (intel) الأميركية لدعمها نظام الفصل العنصري الإسرائيلي    ثلاث إصابات بالرصاص خلال مواجهات مع الاحتلال في نابلس    شهداء وجرحى في سلسلة غارات وقصف مدفعي بمحيط مستشفى الشفاء ومناطق متفرقة بالقطاع    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من مناطق متفرقة من الضفة    سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة  

سبعة شهداء في قصف للاحتلال استهدف منتظري مساعدات في مدينة غزة

الآن

حماس ودحلان ولعبة اللامبادئ ! - عماد حلبي

لم يفاجئني إطلاقاً، سماحُ حماس، لـ (جماعة دحلان)، بالتظاهر في غزة، وهي التي تتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيه، ولم يفاجئني أيضاً ما اتضح أكثر من أيّ وقت مضى أنها حركة بلا (مبادئ ثابتة)، وهذا ليس من باب الذمّ، بل من باب وصف الواقع والحقيقة
ما فاجئني، أن الكثير من الناس قد تفاجئوا، وكأنهم لم يعرفوها من قبل، ولم يخبروها بالمواقف والشدائد
لن أدخل في معمعةِ الشتائم والسب والتكفير والتخوين، وسأحاول أن أكون أقرب إلى التحليل المنطقي الهادئ والواعي
أولاً: حركة حماس، قامت بما أسمته (الخطوة الاضطرارية) في السيطرة على قطاع غزة، وقتلت المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، فقط من أجل أن تقضي على قوة محمد دحلان في القطاع، والذي كان ينافسها في مرحلة ما، في السيطرة على الكثير من المناطق فيه
ثانياً: كان محمد دحلان، وبالعلن، شماعة الاتهامات الكبيرة من قبل كل قيادات الصفّ الأول في حركة حماس، والصف الثاني، ثم الأدنى فالأدنى، وصولاً إلى صغار التابعين والمؤيدين، الذين لا حول لهم ولا قوة، ويفعلون ما يؤمرون
ثالثاً: كلنا نعلم أنه ومن وجهة نظر حماس المعلنة تماماً :( أن دحلان هو الخائن، المتآمر، الجاسوس، رجل الفتنة الذي يسعى للتخريب، والقتل والتدمير وإضاعة القضية ومحاربة حماس، وأنه رجل الموساد والـ سي آي إيه، والمخابرات الإماراتية والسعودية، وحتى مخابرات ساحل العاج وكوالالمبور، لضرب حركة حماس والوحدة الوطنية، وتخريب البلاد والعباد، وأنه رجل شبكات الخيانة والدعارة، وصاحب الكازينوهات والبارات التي تريد نشر الفسق والفجور ) وغير ذلك الآلاف من الأوصاف التي كانت حتى زمن قريب، تستخدمها حماس لوصف دحلان، الرجل المثير للجدل
رابعاً: كان دحلان، حتى وقت قريب، من وجهة نظر الحمساويين، هو عرّاب التنسيق الأمني، ومهندس اعتقالات قيادات وأنصار الحركة،وصولاً إلى حدّ اتهامه باغتيال قيادات من الحركة في الضفة وغزة في السنوات الماضية
كلّ ما سبق، كان واضحاً كالشمس، ولا يمكن بأيّ شكل من الأشكال، لأيٍّ كان، القول إنه غير صحيح، أو إنه منافٍ للحقيقة، أو إن فيه مبالغةٌأوتهويل لموقف الحركة تجاه دحلان المثير للجدل
لا يوجد عاقل في هذا الكون، يقتنع ولو جزئياً، في أن أيّ شيء قد يحدث في قطاع غزة، دون علم ورغبة وإرادة حركة حماس، وما حدث من مسيرات لأنصار دحلان، لا يمكن أن يوضع تحت خانة (عدم علم الحركة أو رغماً عنها، أو بغير رغبتها)
حماس، تخلّت عن كلّ ما سبق من اتهامات ومواقف تجاه دحلان، مقابل أن تخلق وتعزز الانقسام والشرخ داخل حركة فتح، وفي ذلك لها مآرب كثيرة، وعلى رأسها الأهداف السياسية القريبة والبعيدة، بدءاً من استمرار الخطة التي انتهجتها حركة حماس في السرّ والعلن لإضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك أيضاً كان واضحاً كعين الشمس من خلال اتهامات متكررة وممنهجة لعباس، من قبل قياداتها،وأعضائها في المجلس التشريعي، بأنه خائنٌ بائع للوطن، متاجر بالقضية، ومتنازلٌ عن الكثير من الحقوق، وعلى رأسها اللاجئين وحق العودة، والقدس، والحدود... وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، مطالباً بإسقاطه وإنهاء حكمه، ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى .. !
هذا الأمر، إن دلّ على شيء، إنما يدل على النيّة المبيتة عند قيادات الحركة التي لا يخفى على أحدٍ أنها وجدت نفسها في مأزق انعدام التمويل من إيران، وقطع شريان الامتداد السياسي الخارجي في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وإنهاء قوة الإخوان المسلمين فيها، (ولا أقول إنهاء الإخوان)، إضافة للـ (فيلم الأكبر)، المتمثّل في تعويل الحركة على دويلة (قطر، الرمال المتحركة)، التي لا ثابت لها إلا غير الثابت، وعدم حصولها من تركيا إلا على الكثير من الكلام في المهرجانات، والكلام فقط
وجدت حماسُ نفسها، عارية تماماً أمام الحقائق الكبيرة، وعرفت أنها وقعت في الورطة الاستراتيجية الكبرى دولياً وإقليمياً ومحلياً، فقياداتها تدرك تماماً أن قطع التمويل سيؤثر على إنفاق الحركة على قاعدتها الشعبية، وهو ما يعني قطعاً ظهور أزمة داخلية كبيرة لم تكن في الحسبان، وتدرك أيضاً أنها قد تمّ التخلي عنها، وعن كلِّ الوعود البرّاقةِ التي قطعتها لها قطر وتركيا، مقابل قطع علاقتها بنظام الأسد وطهران، وتدرك كذلك، أن ورطة (الإخوان) المصريين كبيرة وطويلة الأمد، ولن تُحلَّ بسنة أو سنتين
الحقيقة، أن حماس وجدت نفسها وحيدة تماماً، مع بوادر تآكل وتململ من الداخل، وإن كان غير معلن، فما الحل؟
الحل أولاً، هو بمسرحية إنهاء الانقسام، والتنازل عن الحكومة (ولا أقول الحكم في غزة)، بعد سنوات عجاف من التمسك به، عندما كانت الحركة تدرك أن لديها مكامن قوة تسند بها ظهرها
الهدف الأول من تلك المصالحة من وجهة نظر حماس، هو التخلص من العبئ المالي الكبير، المتمثل في صرفِ رواتب الموظفين الحكوميين، الذين بدأوا بالتململ في العلن داخل القطاع.. أرادت حماسُ بذلك التخلص من همّ الرواتب، ولكن مع الإبقاء على متعة الحكم والتحكم في يدها
وثانياً: المبادرة فوراً في تصدير الأزمة إلى الآخر، والآخر هنا هو حركة فتح وليس سواها، خاصة وأننا أمام انعقاد المؤتمر العام السابع للحركة، وهو الفرصة الأنسب لتضرب حماس ضربتها.. أخذاً بالاعتبار، أن أحد أهم بنود المصالحة التي أرغمت عليها حماس، على مضض، بسبب انعدام الخيارات، هو التحضير لإنجاز الانتخابات في مدة لا تقل عن ستة أشهر، أي أن هناك انتخابات قادمة، وإن لم تكن حماس في أحسن حالاتها خارجياً وداخلياً، فالحل هو: (فرّق تسد)، وضرب الآخر .. !
وبالفعل، مضت حماس، بالتوازي مع ما يزعم الكثيرون أنه - مصالحة - مضت بالسرّ صوب التصالح، أو التقارب مع المفصولِ من حركة فتح محمد دحلان، من باب: (عدوّ عدوي صديقي) .. والعدوّ المشترك لكليهما هو محمود عباس
أعود في ذاكرتي، إلى حادثة التفجيرات في منازل وسيارات قيادات من حركة فتح في قطاع غزة، قبيل مهرجان إحياء ذكرى الراحل ياسر عرفات.. المسرحية الحمساوية المشوّهة، كانت أن من نفّذ تلك الهجمات هو (تنظيم الدولة الإسلامية داعش)، وبالطبع سجّلت كلّ تلك الحوادث، كلّها، ضدّ مجهول .. !
الأمر لا يثير إلا الضحك والسخرية، وتساؤل مفاده: أيهما أصحّ، هل تحالفت حماس مع دحلان، أم أن مظاهرة تأييده التي خرجت في غزة، قد خرجت دون علم حركة حماس ورغماً عنها؟
وأياً تكن الإجابة حول هذا التساؤل، فإنها محرجة تماماً لكلّ تكوينات حركة حماس، من القيادة وحتى أصغر المؤيدين، الذين لا رأي لهم، ويفعلون ما يؤمرون
وهو أمر يثير أيضاً التساؤل حول حقيقة تفجيرات داعش في غزة
فلماذا يا حماس ؟
الجواب هو: المبادئ .. نعم المبادئ، التي ابتعدت عنها حركة حماس، وتحديداً قيادتها السياسية، كبعد المشرق عن المغرب، والقطب الشمالي عن الجنوبي
أثبتت قيادة حركة حماس السياسية، أنها حركة (إبنة ليل)، تتبدّل بين حضن وآخر من أجل المال، ولا تهتم للمبادئ، المهم من يدفع أكثر
حماس حركة بلا مبادئ، وهذه حقيقة، والغاية بالنسبة لقياداتها تبرر الوسيلة، وهذه حقيقة أخرى، وما تبدُّلُ حماس بين حضن سورية وإيران، إلى حضن قطر، إلى حضن تركيا، إلى إيران وسورية مرة أخرى، لأوضح دليلٍ على ذلك الأمر
وما يحدث اليوم من تقارب مع دحلان، الذي كان بالأمس فقط صاحب كل الأوصاف التي ذكرت سابقاً، لدليل بيّنٌ آخر، ساطعٌ كعين الشمس، التي لا تُغطى بغربال
سنجد بالطبعِ، من أنصارِ الحركة البسطاء من يدافع عن موقفها الأخير من دحلان، لأسباب هم يعرفون أنها لن تقنع أحداً عاقلاً، وسنجد من ينكر ذلك التقارب، وسنجد أيضاً، من يقول إن حماس لم تكن لها هذه المواقف السيئة الحادة من دحلان .. !
ماذا قد يفعل أنصار حركة حماس العقلاء؟
التفكّر فيما يحدث .. الوقوف مع النفس في لحظة حقيقة .. وفقط .. !

عماد حلبي 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024