الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا    مسؤول أممي: اكتشاف مقبرة جماعية في قطاع غزة "مثيرة للقلق" وندعو لتحقيق "موثوق"    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان  

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34,097 منذ بدء العدوان

الآن

مع اقتراب أعياد الميلاد... حاجز 'الكونتينر' معاناة لا تنتهي

 بلال غيث كسواني

على قارعة الطريق ووسط مئات السيارات المصطفة في انتظار السماح لها بالمرور على حاجز 'الكونتينر' الذي يفصل وسط الضفة الغربية عن جنوبها، جلست شابة روسية تدعى أولغى بانتظار قيام جنود الاحتلال بفتح الحاجز الذي أغلقوه بشكل مفاجئ ما تسبب في حدوث أزمة مرورية امتدت كيلو مترات في جميع الاتجاهات.

أشعلت أولغى سيجارة وراحت تتأمل ما يحدث على الحاجز، وتقول: 'بحق إن الشعب الفلسطيني عظيم فهو يستطيع الصبر وتحمل المعاناة بشكل متواصل، فلو كان مكانه أي من شعوب العالم لما تمكن من تحمل تلك المعاناة، أنا أتواجد على الحاجز منذ أربع ساعات بانتظار السماح لي بالمرور للوصول من مدينة رام الله إلى بيت لحم'.

وتضيف أولغى إنها تتفهم نضال الشعب الفلسطيني المتواصل للخلاص من الاحتلال، وتتساءل كيف يمكن للسلام أن يحل وهذه الحواجز لا تزال تقطع أوصال المدن الفلسطينية المختلفة؟! وكيف يمكن للعالم أن يجلس صامتا أمام ما يجري من معاناة متواصلة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة'.

ورغم المعاناة والانتظار تصر أولغى على الوصول إلى مدينة بيت لحم للاحتفال هناك بأعياد الميلاد المجيدة، والتمتع بأجواء مدينة مهد المسيح التي يحج إليها المسيحيون من مختلف أرجاء العالم إلى كنيسة المهد الكنيسة الأقدم والأكثر قداسة للديانة الأكبر على مستوى العالم، والتي يتوقع أن يزورها قرابة 100 ألف سائح مع نهاية الشهر الجاري بحسب إحصاءات صادرة عن وزارة السياحة.

تنظر أولغى بسرور إلى شبان من بلدة السواحرة الشرقية القريبة من الحاجز يحاولون تنظيم السير قدر الإمكان، أملا في تمكين سيارات الإسعاف التي تحمل المرضى وتقلهم بين المشافي في جنوب الضفة الغربية ووسطها من المرور، فيما تصل سيارات الإمداد من جيش الاحتلال لبضع جنود يتواجدون على الحاجز بعد تجمهر المواطنين ونفاذ صبرهم على الإجراءات التعسفية التي يتعرضون لها، في محاولة لقمع المواطنين ومنعهم من الاحتجاج بقوة السلاح.

على الحاجز يتبادل المواطنون أطراف الحديث كثير منهم يعرفون بعضهم بعضا، فهم يذهبون إلى أعمالهم من بيت لحم والخليل في الصباح ويعودون بالمساء، وتجمعهم سنوات من السفر والمعاناة على حواجز الاحتلال، وهم يؤكدون أن الاحتلال يغلق الحاجز ويتعمد تعطيل حركة المرور مع كل مناسبة مسيحية أو إسلامية، وقد اختار إصلاح الحاجز وتجديد البنى التحتية فيه بالتزامن مع حلول أعياد الميلاد المجيدة، للتنكيل بالمواطنين وخلق صعوبات في الوصول إلى بيت لحم لمنع المواطنين من مختلف أرجاء الضفة من الوصول إليها.

وفي إحدى سيارات الأجرة التي تقل الركاب من مدينة رام الله إلى مدينة بيت لحم يجلس السائق طارق، يتبادل أطراف الحديث مع خولة التي تعمل في مدينة رام الله وتقطن مدينة بيت ساحور، وتقول إنه مع كل مناسبة يقوم الاحتلال بإغلاق الحاجز، وتتحدث عن تطور حاجز 'الكونتينر'، حيث كان حاجزا صغيرا قبل 15 عاما وضعه جنود الاحتلال بجانب 'الكونتينر' حديدي كان يستخدمه أحد سكان بلدة السواحرة الشرقية المطلة على القدس كبقالة لبيع المشروبات للسيارات المارة، وكان جنود الاحتلال أنفسهم يشترون عصائر من تلك البقالة، لكنهم سرعان ما استولوا على هذا 'الكونتينر' الحديدي وطردوا صاحبه منه، فسمي ذلك الحاجز بـ'الكونتينر' وأضحى واحدا من أسواء الحواجز المقامة وأكثرها عنصرية في الضفة الغربية.

في ذات السيارة كنا نجلس مع زملائنا الصحفيين بانتظار السماح لنا بالمرور للمشاركة في مؤتمر 'مال وأعمال' الذي يعقد اليوم الاثنين في بيت لحم، بمشاركة 50 شخصية عربية ودولية، لكننا تأخرنا عن الموعد المحدد للمشاركة في اجتماع تحضيري للمؤتمر لأربع ساعات بسبب إغلاق الحاجز، وكان المسافرون يطلبون دائما نقل معاناتهم الدائمة على هذا الحاجز إلى الإعلام.

عشرات الوفود الدولية القادمة من دول عربية شقيقة وصديقة عبر معبر الكرامة اضطرت أيضا للانتظار لساعات على الحاجز المغلق، وشاهدت بأعينها ما يعانيه الفلسطينيون على الأرض جراء الاحتلال، وجميعا تأخروا في الوصول بالموعد المحدد للهم للمشاركة في فعاليات المؤتمر التي تشمل أبضا زيارة لمختلف أرجاء الضفة الغربية، ما عدى القدس التي لم يمنحوا تصاريح لدخولها.

كل شخص تواجد على الحاجز يتحدث عن قصة مختلفة عن الاحتلال، يلخص فيها معاناته مع الاحتلال، ويتحدث عن مراحل سيئة مر بها ومواقف عايشها من الاحتلال الذي يسعى لإفساد مختلف جوانب الحياة الفلسطينية.

سرعان ما تتحول تلك المعاناة الطويلة على حاجز 'الكونتينر' إلى بهجة مع دخول محافظة بيت لحم التي تزينت بزينة العيد والتي تبدو مختلفة هذا العام، خصوصا شارع المهد والشوارع المحيطة بالكنيسة، وكذلك المدن المحيطة ببيت لحم، فقد وضعت شجرة الميلاد الموجودة في ساحة كنيسة المهد والتي تزينها ألوان العلم الفلسطيني هذا العام على قائمة أفضل أشجار عيد الميلاد على مستوى العالم للعام الجاري.

جهد كبير بذلته بلدية بيت لحم ومحافظتها لتزيين المدينة وإخراجها بالشكل الأمثل للسياح والمؤمنين القادمين من مختلف أرجاء العالم لإحياء أعياد الميلاد في مهد المسيح، يبدو ذلك الجهد في الزينة المبتكرة التي تزين مختلف الشوارع، فالمدينة تبدو فرحة برقة ليلا، تضيج شوارعها وجدرانها وفنادقها وكنائسها الأجراس والأشجار ورموز العيد، بشكل يدخل الفرحة في نفوس زوارها.

ورغم 'الكونتينر' وغيره من حواجز الاحتلال ورغم الجدران التي تحيط بمدينة مهد المسيح، إلا أن هناك إصرار على الاحتفال هذا العام في مدينة بحق تتميز بطقوسها الدينية والروحانية التي تنعكس عليها مع وصول الكرادلة والأساقفة ورجال الدين الى جانب الحجاج المسحيين القادمين من مختلف دول العام، رغم كل المعيقات.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024