لليوم الـ13 على التوالي: الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم    في اليوم 226 للعدوان: جرحى في قصف للاحتلال على مناطق عدة من قطاع غزة    مسيرات في الولايات المتحدة لإحياء ذكرى النكبة والمطالبة بوقف العدوان على غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير    20 شهيدا وعشرات الجرحى والمفقودين في غارات للاحتلال استهدفت مربعا سكنيا شمال مخيم النصيرات    قوات الاحتلال تداهم مدينة نابلس وتقتحم متاجر ومحال صرافة    الرجوب: لا يمكن للفيفا أن يواصل غض الطرف عن الانتهاكات المستمرة في فلسطين    الاحتلال يقتحم مناطق في بيت لحم ويداهم عدة منازل    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    مستعمرون يحرقون شاحنة ويعتدون على سائقها شرق رام الله    شهيد وإصابتان برصاص الاحتلال في بلعا وعنبتا شرق طولكرم    "الأونروا": ارتفاع عدد النازحين من رفح إلى 450 ألفا خلال التسعة أيام    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة    مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى ويرفعون علم الاحتلال في باحاته    الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله  

الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله

الآن

الذكرى للإنسان عمر ثان * - حسان فتحي البلعاوي

قبل 17 عاما وفي هذا اليوم 23 حزيران من عام 1996 والذي صادف أيضا يوم الأحد، توفقت دقات قلب والدنا المرحوم فتحي البلعاوي في إحدى مستشفيات عمّان ليوارى الثرى في مسقط رأسه قرية بلعا، هذه القرية الجبلية المرتفعة في شمال الضفة الفلسطينية، وذلك بناء على وصيته .
توقفت دقات هذا القلب الكبير بعد معاناة كبيرة شهدت عليها مشافي الدوحة وتونس وعمان وغزة، إنه القلب الذي أحب بلعا التي ولد وترعرع بها، كما أحب غزة ومخيماتها التي بدأ حياته المهنية بها مدرسا في مخيم البريج، وأول نقيب لنقابة المعلمين الفلسطينيين في غزة، والتي ساهمت بشكل كبير في تشكيل الوعي الوطني الفلسطيني والتي أسقطت أيضا إحدى أخطر مخططات تصفية القضية الفلسطينية بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في صحراء سيناء في منتصف الخمسينيات.
هذا القلب الواسع الذي أحب قاهرة المعز بالله التي تتلمذ في جامعة الأزهر، منارة الوطن العربي والعالم الإسلامي وعاش في حي الرواق الشوام ليساهم مع زملاء معه في تأسيس رابطة الطلاب الفلسطينيين في القاهرة، مباشرة بعد حلول كارثة النكبة لتكون هذه الرابطة الإطار الفلسطيني الأول المنظم والذي عبر طموح طليعة الشعب الفلسطيني، في استنهاض طاقات الجماهير الفلسطينية في مخيمات اللجوء وعواصم الشتات لتشكل إرهاصات العمل الثوري الفلسطيني الذي أفرز منظمات العمل الفدائي وفي مقدمتها حركة فتح.
هذا القلب الطيب الذي أخلص للدوحة والتي أتى إليها مدرسا عام 1962 ليساهم في وضع اللبنات الأولى للنظام التربوي في دولة قطر، وقبل أن تحصل على استقلالها، وليشكل مع أخوة وزملاء، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، إحدى المجموعات المؤسسة لحركة فتح في الكويت، وظل يحفظ المودة لهذه المدينة رغم إبعاده عنها ظلما في آب/ أغسطس عام 1990 .
هذا القلب الجريء الذي أشعل روح الوطنية والحماس في معسكرات الفدائيين في الأردن وسوريا ولبنان،حيث كان مفوضا سياسيا في مصانع الأبطال في مواقعهم المتقدمة في مواجهة الكيان الغاصب والذي كان يؤمن أن الكلمة الصادقة هي شقيقة الرصاصة الشجاعة.
إنه القلب الكبير الذي عشق دمشق وبيروت ولاحقا تونس، اللواتي احتضن الثورة الفلسطينية وقيادتها وكوادرها، ونسج مع أهلها أطيب العلاقات الإنسانية القومية الصادقة، وهو الذي أحب عواصم الأقطار العربية ومدنها التي زارها أو عرف أحدا من أبنائها خلال مسيرته الطلابية والتعليمية.
كما أنه القلب المنفتح على ثقافات العالم والذي أحب باريس ورأى فيها عاصمة الثقافة والنور، كما أحب العديد من عواصم العالم التي زارها في إطار مهمات عمل وطنية أو زيارات شخصية.
هذا القلب الحنون الذي أحب أسرته وابنته وأبناءه وأصدقاءه وأبناء شعبه من طلاب ومدرسين وزملاء ورفاق درب في مسيرة طويلة من الكفاح والتضحية وإيثار النفس .
في مثل هذا اليوم منذ 17 عاما غاب جسد والدنا الحبيب فتحي البلعاوي 'أبو غسان' أبو الوطنية، كما كان يطلق عليه أصدقاؤه، ولكن ذكراه وروحة الطيبة ما زالت حية فينا في قلوبنا في ضمائرنا، نحن أبناؤه، وتلاميذه وزملاؤه ومحبيه وأصدقاؤه، ما زالت كلماته الصادقة الشجاعة في أحلك الظروف ترن في آذاننا، ما زالت قيم الأخلاق والوفاء والإخلاص وحب الوطن والناس تستوقفنا دائما في كل محطة وسؤال صعب، وهي التي تشكل وتشكل بوصلتنا في الحياة، هي الإرث العظيم الذي تركه لنا والذي لا يقدر بثمن .
وفي محاولة منا نحن أبناؤه أن نعطي والدنا جزءا من حقه ووفاء للقيم والمبادئ التي آمن بها وعمل من أجلها، نسعى لإحياء ذكراه وتوثيق تجربته وإسهاماته في الحركة الوطنية الفلسطينية وفي المسيرة التعليمية، وذلك إيمانا من بأن هذا العمل يشكل جزءا من الذاكرة الوطنية الفلسطينية وليس فقط ذاكرتنا وهويتنا الشخصية.
لذا قمنا بإنشاء صفحة على وسيلة التواصل الاجتماعي 'فيسبوك' بعنوان أبو الوطنية/ فتحي البلعاوي، والتي تحوي بعضا من مقالاته التي نشرها في جريدة العرب القطرية، ونأمل أن تساهم هذه الصفحة والتي سنعمل على تطويرها، في تجميع جميع الشهادات من أصدقائه ومحبيه لنعمل على إصدار كتاب يتناول حياته كرجل من رجال فلسطين .
رحم الله والدنا فتحي البلعاوي، أبو غسان، أبو الوطنية ورحم كل الشهداء والمخلصين لفلسطين .

 

نبذة عن فتحي محمد قاسم البلعاوي
ولد المربي فتحي البلعاوي في قرية بلعا بطولكرم في 22 أغسطس 1929، وأتم دراسته الابتدائية في بلعا وعنبتا وأنهى الثانوية العامة في يافا، وفي عام 1946 التحق بكلية اللغة العربية في الأزهر الشريف، وانضم أثناء دراسته الجامعية إلى جماعة الإخوان المسلمين، وتطوع مع بعض إخوانه في الأزهر للجهاد في فلسطين وكان نائب رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في الأزهر.
ساهم في تأسيس أول تنظيم طلابي فلسطيني عام 1951 عرف باسم: رابطة طلبة فلسطين، وكان أول سكرتير لها، وأسس مجلة (نداء فلسطين) وكان رئيس تحريرها. كما كان كتلة من النشاط والحماس، واشتهر كخطيب جماهيري ناري الكلمات.. وكان عنيفاً وجريئًا لا يهاب عاقبة الاندفاع الثوري الذي تميز به، ومن مواقفه الجريئة التي اشتهر بها موقفه أثناء احتفال كان على رأسه اللواء محمد نجيب في القاهرة عام 1953 حيث اندفع إلى الميكروفون وراح يخاطب الرئيس محمد نجيب بنبرة حادة، وتدخل مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، وكاد حارسه أن يطلق الرصاص على البلعاوي؛ لولا أن ياسر عرفات أمسك يده، وقرأ فتحي على الاحتفال الجماهيري آية قرآنية تسببت في اعتقاله وسجنه، ثم ترحيله إلى غزة عام 1953 قبل شهرين من حصوله على الليسانس.
عمل في غزة مدرساً للغة العربية في مدرسة دير البلح للاجئين، ثم مدرسة البريج الثانوية للاجئين، وأسس مجلة 'صوت اللاجئين'، وكان رئيس تحريرها المسؤول، كما كتب في العديد من الصحف المحلية مثل 'الوطن العربي' في غزة.
بادر مع زملاء له من مختلف التيارات الفكرية لإنشاء 'نقابة المعلمين الفلسطينيين' في غزة عام 1954، وفاز بمنصب أول نقيب للمعلمين، وقاد العديد من الفعاليات والمظاهرات الوطنية، وكان له دور بارز في قيادة المظاهرات الشعبية ضد التوطين والإسكان عام 1955 لذلك كله اعتقلته السلطات المصرية مع آخرين، مدة سنتين وشهرين؛ حتى أُفرج عنه ورفاقه في أوائل يوليو (تموز) 1957 وسمحت له السلطات المصرية بتقديم امتحان الليسانس عام 1960 ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا عام 1961.
كان أحد مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وكان له دور بارز مع القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس ياسر عرفات.
تعاقد مع حكومة قطر عام 1962 للتدريس، حيث عمل مدرساً للغة العربية، ثم مديراً لمدرسة خالد بن الوليد، ثم موجهاً للغة العربية، فمديراً لدائرة المناهج... وساهم في تأليف أربعين كتاباً في علوم اللغة العربية والأدب العربي، وكوّن جماعة المسرح الوطني الفلسطيني، وساهم في تأسيس أول مجلة في قطر وهي (مجلة العروبة) عام 1970، وكانت له زاويته (نافذة العرب) في جريدة العرب القطرية، وترأس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (فرع قطر).
بعد حرب العراق عام 1990، استقر في تونس، وأسند إليه الرئيس ياسر عرفات وظيفة مدير مدرسة القدس في تونس، بالإضافة إلى منصب ممثل فلسطين في منظمة العلوم والثقافة بالجامعة العربية.
بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في أرض الوطن، عاد إلى غزة في نوفمبر 1994 وعُين بقرار من الرئيس الشهيد ياسر عرفات وكيلاً مساعداً لوزير التربية والتعليم العالي، وكان له نشاط فعال في إحياء الحركة التعليمية، كما أُسندت إليه إحياء الفعاليات الشعبية في قطاع غزة.
كتب البلعاوي العديد من المقالات الأدبية والسياسية في الصحف المحلية ومن أشهر مقالاته ما كتبه إلى عرفات صديق مسيرته بعنوان: 'كثر مستشاروك وقل ناصحو')، وعرفات الذي قال عنه في أكثر من مناسبة: 'إنه الذي علمني السير على درب الثورة'.
توفي رحمه الله مساء الأحد 7 صفر 1417هـ الموافق 23/6/1996 في عمان، ونقل جثمانه ليوارى في ثرى قريته (بلعا) في طولكرم، ونعته القيادة الفلسطينية وأقام الرئيس الراحل ياسر عرفات بيت عزاء في مقر مرجعية فتح في غزة حينئذ، وأسف الناس عليه، ورثاه العديد من الكتاب والأدباء الفلسطينيين، وتخليداً لذكراه أطلق اسمه على إحدى المدارس الثانوية في قطاع غزة.
رحل وترك لنا صوته يرن من خلال جملته المشهورة: (الثورة وفاء.. فإذا فقد الإنسان وفاءه فقد كل معاني الثورة في نفسه)، له ستة أبناء وبنت وهم: غسان، بسام، هشام، حسان، ياسر، صلاح، نهيل.
* العنوان مأخوذ من عنوان لمقال كتبه المرحوم في ذكرى وفاة احد أصدقائه

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024