"الأونروا": ارتفاع عدد النازحين من رفح إلى 450 ألفا خلال التسعة أيام    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة    مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى ويرفعون علم الاحتلال في باحاته    الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 35173 والاصابات إلى 79061 منذ بدء العدوان    بوليفيا تدعو سلطات الاحتلال إلى إجراء "تحقيق شفاف" في اعتداءات المستعمرين المتواصلة بحق شعبنا وضرورة محاسبتهم    المعتقل محمد عارضة من عرابة جنوب جنين يدخل عامه الـ23 في الأسر    إدارة جامعة "UW" في ولاية "ويسكونسن" الأميركية تستجيب لمطالب الطلبة المؤيدة لشعبنا    الاعتداء الثالث خلال أسبوع: مستعمرون يضرمون النار بمقر "الأونروا" في القدس    14 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 35.091 شهيدا و78.827 مصابا    فتوح يدين تصريحات السيناتور غراهام بشأن غزة    "فتح" تثمن دور الصين في رعاية الحوار الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطني    مستعمرون يمنعون مرور شاحنات مساعدات من الضفة إلى غزة    الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع  

الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع

الآن

لقاء الأمناء.. البيت الفلسطيني أولاً

بقلم: عبير البرغوثي  
في مرحلة غاية في التعقيد والمخاطر تمر بها القضية الفلسطينية، يأتي اللقاء التاريخي بمبادرة الرئيس محمود عباس وبمشاركة الأمناء العامين لفصائل وقوى العمل الفلسطيني في الوطن وخارجه، ليشكل بكل المعاني عودة الروح للجسد الفلسطيني، عودة الحياة لكافة أطراف ومكونات هذا الجسد الذي يتعرض هذه الأيام لمؤامرات متعددة الجبهات ومتعددة اللاعبين، تهديدات سياسية استمرت منذ الاعلان عن صفقة القرن المشؤومة وخطط الضم وما تلاها من تداعيات ومبايعات للاحتلال من تأييد وتطبيع واستسلام لشروطه، كل ذلك في ظل استمرار تفشي جائحة "كورونا" وما تخلقه من تهديد وبائي على صحة وسلامة المجتمعات ومن ضمنها المجتمع الفلسطيني وما تتطلبه مواجهة الجائحة من موارد وجهود وتركيز، والحال أصعب في ظل ظروف كالحالة الفلسطينية التي يتربصها التهديد والطعن من كل الاتجاهات.

لقاء تاريخي في مرحلة تاريخية ولغايات تاريخية، هذا هو عنوان اجتماع جاء تتويجًا لجهود كبيرة ومتواصلة تكللت بالنجاح لعقد لقاء جامع دون استثناء، لقاء كانت فلسطين هي القلب النابض واللسان الناطق بكل كلمات الأمناء العامين، الشارع الفلسطيني سئم الانقسام والتشتت، الانقسام الذي بات أداة ومبررًا لقوى خارجية للاستقواءعلى الموقف الفلسطيني وتبرير أفعالها، انقسام بات يستخدم من قبل الاعداء لتبرير انه لا توجد قيادة واحدة وممثلة للشعب الفلسطيني يمكن التحدث اليها أو التفاوض معها، لقاء تاريخي وضع الأمور في نصابها الوطني الحقيقي، بيت فلسطيني جامع، كلمة فلسطينية موحدة، استراتيجة عمل لمواجهة المرحلة القادمة بلسان وطني تحتل فيه فلسطين نقطة الارتكاز، ويعتمد فيها القرار الفلسطيني على هذا الاجماع الوطني، فلا بيعة لأي أحد للحديث باسم فلسطين الا لفلسطين، ولا تراجع عن الثوابت الفلسطينية المعلنة من خلال المؤسسات الفلسطينية منذ اعلان الاستقلال عام 1988، والتمسك بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية باعتبارها الاطار العام لمواقف الاجماع العربي لانهاء الصراع.
هكذا بدت اللوحة في كلمات وتوافق الامناء العامين مع الدعوة والخطاب الافتتاحي للرئيس، وهكذا تجسدت في البيان الختامي لهذا الاجتماع الذي نظم ونفذ بارادة ورغبة فلسطينية خالصة، "شاء من شاء وأبى من أبى" فالوحدة الوطنية في القرار وعلى أرض الميدان هي بوابة العبور الآمنة رغم كل مخاطر المؤامرات وما يصاحبها من ضغوط ووساطات وابتزازات، لأن ضعف العامل الداخلي وتشتت البيت الوطني يشكلان مدخلاً ومطمعًا لكافة المتآمرين مع تنوع غاياتهم وأساليبهم ودوافعهم.
الرئيس أطلق العنان للعمل الجاد دون أي "فيتو" على أحد، معتبراً ان الفيصل في اختبار هذا اللقاء هو الترجمة العملية والتنفيذية لما تضمنه اتفاق المشاركين على أرض الواقع، انطلاق لجان العمل المشترك لوضع خارطة طريق متكاملة للمرحلة القادمة، انطلاق العمل الشعبي لرص الصفوف وتوثيق علاقة الفصائل مع الفلسطينيين في الوطن والشتات، لتعزيز وحدانية البيت السياسي والمشروع القيادي للنظام السياسي الفلسطيني، على أساس الاستقلالية والتمسك بالثوابت الوطنية وقرارات الاجماع والتوافق الوطني، "فلا دولة في غزة ولا فلسطين دون غزة والقدس"، هذه هي معالم الطريق للمرحلة القادمة، مرحلة سيلتف حولها كل الفلسطينيين في الداخل والخارج وفي كافة أقطار اللجوء والشتات، لانها طريق النجاة وبوصلة العمل الصحيحة لمرحلة ستشهد تغييرات جوهرية على صعيد العلاقات والتحالفات والمواقف الدولية والاقليمية.
نحن مقدمون على مرحلة حقيقية من حيث اختبار الخطوات والنوايا والاستعدادات لإعادة تعزيز دور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مرحلة تتطلب تكاتف وتكامل الجهود لصالح التجميع تحت سقف البيت الواحد والقيادة الواحدة، مرحلة تتطلب استثمار كافة الموارد والطاقات في الضفة وغزة لتعزيز الكيان السياسي الواحد، مرحلة تتطلب الابداع الخلاق من كافة مكونات الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده لتوثيق علاقاته مع الشعوب والقوى الحية لإعادة الحياة والروح للتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، فالنجاح في الانشغال في أنشطة العمل الوطني الموحدة كفيلة بتعزيز اللحمة الفلسطينية وكفيلة بإعادة البريق لقضية العرب والمسلمين الاولى، هذه هي أولويات العمل على أرض الواقع خلال قادم الايام.
المواقف الاقليمية والدولية لا تتغير بالنوايا والدعوات العامة ولا تتغير بين ليلة وضحاها، هذه عملية متواصلة من الفعل ورد الفعل، والاستمرارية والعمل دون كلل هو المعيار والخيار لتحقيق التغيير المطلوب في المواقف، أصدقاء الشعب الفلسطيني يتعززون وتزداد قوتهم كلما وصلتهم رسالة ومواقف الوحدة الفلسطينية، وهذه هي كيمياء التضامن بين الشعوب حول القضايا العادلة، الضعف يولد التراخي، والتراخي يخلق بوابة لعبور مشاريع وأفكار الاستسلام، نحن بأمس الحاجة لتعزيز تضامن الشعوب العربية والصديقة في هذه المرحلة، وهذا تحد عملي لكافة الجهات المعنية على المستوى الرسمي والشعبي ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني لتحقيق خطوات ملموسة على هذه الجبهة.
درس مهم تعكسه مبادرة اجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني، انها تجسيد لإعادة الروح والحياة للوحدة التي يتوق لها أبناء شعبنا ومناصروه في كل مكان، في الوقت الذي يشهد فيه خصومنا معارك طاحنة على مستوى نزاهتهم السياسية وتطاردهم قضايا الفساد والمحاكم والمتظاهرون ضدهم في كل مساء، علينا التقاط هذه المبادرة لانها علامة قوة قد لا تُرضي الاعداء والمتربصين، لكنها خطوة مهمة لمصلحتنا ومستقبل قضيتنا، علينا البحث عما نتفق عليه ونبني عليه لتقليص مساحات الاختلاف مهما كانت، وعلينا إدارة خلافاتنا داخل سقف البيت لا خارجه، لأن التجربة أثبتت أن الخلاف والتعلم منه داخل البيت هو عنصر قوة.
لقاء سيكون له ما بعده وستترتب عليه خطوات مهمة في كافة الاتجاهات، قد لا تكون سهلة وقد يتربص العدو لوضع العصي في الدواليب، لكن الارادة الوطنية الخالصة والموقف الجمعي ينبغي أن يقوى على كل ذلك، لأن تحصين البيت الداخلي هو الضمان لفشل المتآمرين، والتقدم خطوة سيخلق المزيد من النجاح، والنجاح الجديد سيزيد من التفاف الشعب الفلسطيني حول القيادة وخططها وسيخلق صوتًا أقوى لالتفاف الاصدقاء وتعزيز مواقف المترددين للعودة الى منصات ومواقف الاجماع المناصرة للحقوق والقضية الفلسطينية.

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024