فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا  

استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا

الآن

سيقان مسروقة

 معن ياسين

يخطو خطوة إلى الخلف، يتبعها بواحدة وثانية وثالثة نحو الأمام، يقف بعد ست خطوات فوق بقعة إسفلت ما زالت آثار دماء ابن أخيه البالغ من العمر 5 سنوات تظهر عليها. يشير بشاهده الأيمن نحو الدماء، ويهمس بصوت منخفض 'هنا فقد عبيدة قدميه'.

كان الظلام يهبط حين التصق عبيدة شحادة بين الأرض وعجلات شاحنة تنقل الحجر، في إحدى الطريق الداخلية ببلدة جمّاعين جنوب نابلس.

يقول علي عمّ الطفل: 'لم يستطع أحد الاقتراب من عبيدة في اللحظات الأولى من الحادث، حتى جاءت والدته وانتزعته من بين عجلات الشاحنة وضمته إلى صدرها'.

لم يكن عبيدة الذي سرقته الشاحنة من بين أصدقائه إلى سرير طبي؛ الضحية الأولى لفوضى الشاحنات بالشوارع الداخلية في جمّاعين، فشوارع البلدة تسير عليها مركبات تحمل أطناناً من الصخور، بل هي جبال تسير دون توقف على الطرقات وداخل الأزقة، ولا أحد يستجب لمناشدة المواطنين بوضع حدٍ لهذه الفوضى، كما يقول علي شحادة.

لا تتوقف عن الحركة، تدور حول سرير يرقد عليه ابنها في مستشفى رفيديا بنابلس، تمسك يده تاره وتربت بيدها على رأسه تارة أخرى، صمتها كان يخبر عن ألمها، إلى أن التفتت لنا لتقول: 'لو كنت أعلم أن خروجه من المنزل في تلك اللحظة سيسبب له الأذى لوضعته في قلبي. عبيدة ليس أول طفل وأتمنى أن يكون الأخير، بلدتنا تعاني من الفوضى والتلوث والأمراض، كلها تصب فوق رأس المواطن'.

ما زال عبيدة يحس بساقيه، يشعر بألمهما، ولم يدرك بعد أنه تركهما بين إسفلت الشارع وعجلات الشاحنة، حتى لو رآهما غير مكتملتين تحت غطاء المشفى الخفيف، حسب تشخيص الدكتور رياض أبو بكر اختصاصي الأمراض النفسية الذي يضيف: 'الطفل يمر في مرحلة الإنكار، التي لا يستوعب فيها أنه فقد قدميه، وهي أولى مراحل الصدمة النفسيه الحادة'.

جمّاعين التي تشتهر بكونها مركزاً أساسياً للحجر في فلسطين، يعاني أهلها من مشاكل مختلفه تسببها المنشأت الصناعية والشاحنات التي تنتشر داخل البلدة على مدار الساعة، بدءاً بالضجيج والفوضى والتلوث، ووصولا إلى المخاطر التي تتهدد العمال أو المواطنين بالحوادث المفاجئة.

ويشير رئيس بلدية جمّاعين عصام ناظم لإجراءات قامت بها البلدية للحد من مشاكل المنشآت الصناعية والشاحنات الثقيلة داخل المخطط الهيكلي للبلدة، ويؤكد أن قراراً صدر في آذار (مارس) 2013 عن البلدية بمنع فتح مقالع حجر جديدة داخل البلدة، ما من شأنه أن يحد من حركة الشاحنات في الشوارع الداخلية.

'لم يلتزم أحد بهذا القرار، فتوجهنا للشرطة بطلب العون باعتبارها القوة التنفيذية. تم احتجاز صاحب أحد المقالع الجديدة لمدة ساعتين، ووقعوه على تعهد بعدم العودة للعمل، ولكن للأسف محجره يعمل الآن بشكل طبيعي'، كما يقول ناظم.

تحتوي جمّاعين على 114 منشأة صناعية، موزعة على 60 مقلع حجر، و40 منشاراً لقص الحجر، و11 كسارة، و3 مصانع للإسفلت، وجميعها تستخدم داخل البلدة وفي كافة الاوقات ليلاً ونهاراً شاحنات ثقيلة، لن يتخيلها عبيدة سوى على هيئة لصوص السيقان.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024