الأحمد يهنئ فهد سليمان بانتخابه أميناً عاماً لـ"الجبهة الديمقراطية" ونجاح المؤتمر الثامن    فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع  

200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع

الآن

تلك الحدود التي علّبتنا

  آيات عبد الله

وأنا أقطع الحاجز الترابي على مفرق بلدتي بيتا صباحاً، وقفت وتخيلت الحدود التي رسمتها قوات الاحتلال لقرى أخرى جنوب نابلس، فعادت إلي صور "الغيتوهات" التي انتشرت عام 1948، حين حوصر من تبقى من سكان المدن لعالم كامل في أسوأ ظروف.

 والصورة الواضحة الآن بأننا وبعد 68 عاما ما زلنا مشاريع "غيتوهات" لا يحتاج الاحتلال إلا لحجارة وتراب وبضع دقائق لتعيدنا إلى سنوات الحصار نقطع المسافات مشيا لنصل إلى غاياتنا.

منذ ما يقارب الشهر ومداخل كل القرى الممتدة على طول شارع حواره مغلقة، سواءً الفرعية أو الرئيسة منها بحجة رشق سيارات المستوطنين بالحجارة، والدخول إليها غير ممكن إلا من الجهة الشرقية، ما يعني زيادة المسافة 20 كلم إضافية، لكن الطبيعة الجغرافية لقرية حوارة وامتدادها على طول سهل زراعي يجعل إغلاقها بشكل كامل شبه مستحيل، ففي كل يوم يستطيع السائقون أن يجدوا منفذاً ليصلوا إلى قراهم منه، فمداخل البيوت كلها تفضي إلى السهل، وإن كانت طرقه الزراعية وعرة إلا انها توصلُ إلى القرى المجاورة.

وبلدتي بيتنا التي يسكنها نحو 12 ألف نسمة ويؤمها من خارجها يوميا العشرات من المعلمين والتجار والمتسوقين ظلت حتى ساعات صباح اليوم خاضعة للإغلاق بحاجز ترابي.

تركت البلدة صباحا، واضطررت لاجتياز كومة كبيرة من التراب، لكن المعلومات التي وردت بعد خروجي أكدت إزالة هذا الحاجز.. ولو مؤقتا!.

 اليوم أكد الارتباط العسكري الفلسطيني وفي حديث لوكالة "وفا" أن حاجزين من أصل سبعة حواجز تم إزالتهما، بعد أن شكلت عبئا على المواطنين خاصة فيما يتعلق بالحياة الاقتصادية، فإغلاق الطرق المؤدية إلى شارع حوارة في الفترة الماضية عطل الكثير من المنشآت الاقتصادية، ودب الرعب في قلوب أصحاب المحلات وتجار حسبة الخضار على مدخل البلدة، وحتى بعض المتنزهات التي تشكل لها فترة العيد موسم عملٍ جيد، ما يؤكد أن حياة الفلسطينيين وكل خططهم ومشاريعهم يمكن إيقافها بتكديس أحجار وسواتر ترابية على مداخل قراهم.

ما أشبه صورة اليوم بصورة الماضي القريب الذي مازالت آثارها عالقة في ذهني!

شهدت قبل عقد ونصف من الزمن هذا الحال، كنت في العاشرة من عمري حين توقفت معلماتي عن القدوم إلى المدرسة، فكانت إسرائيل قد أنهت حينها تقطيع الضفة الغربية ضمن عملية السور الواقي، والآن تعيد استخدام الأسلوب ذاته، لكني الآن في الخامسة والعشرين، أشاهد نفس الصورة، وأشهد عليها وأكتبها.

أخرج الفلسطينيون زفيرًا حبس داخلهم لمدة 9 سنوات، حين أزيلت الحواجز في آذار عام 2009، تلك التي شكلت شللاً لحياتهم بشكل كامل، وأجبرتهم على استخدام وسائل نقل بدائية كالحيوانات والعربات، وقطعوا جبالاً مشياً على الأقدام ليصلوا إلى جامعاتهم، تغربوا عن بيوتهم لأسابيع وأشهر كي لا ينقطعوا عن أعمالهم وكأنهم في سفر خارج حدود الوطن، ولا يخطر ببال أحدهم اليوم إمكانية العودة إلى تلك الظروف.

بعد أن قطعت الحاجز مشياً، وصلنا إلى الطرف الآخر من الطريق وركبنا باصا جديداً لينقلنا إلى المدينة، وفي المقعد وجدت أمامي ملصقاً كتب فيه دعاء السفر فتوارد إلى ذهني ما قاله الشاعر مروان مخول "إلهي وأمح الحدود التي علّبتنا وشوهت وجه الطبيعة في الذاكرة".

صحيح، إنهم أزالوا حاجز التراب عن مدخل البلدة.. لكن ليس هناك أي ضمان لبقاء المدخل مفتوحا.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024