فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع    استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا  

استشهاد شاب وإصابة آخرين برصاص قوات الاحتلال في أريحا

الآن

وادي الفارعة.. "يا مارق عالطواحين"

كان الفنان اللبناني الراحل نصري شمس الدين يشدو بصوته الجبلي الرنان: " يا مارق عالطواحين والميه مقطوعة خايف لتدور الطواحين والحلواية توعى..."، لكن المزارع علي مثقال الحمود ( 71 عامًا) لا يزال يغني على ليل طواحين وادي الفارعة، التي عاصرها قبل أفول نجمها.

يحتمي الحمود من البرد بكوفية حمراء، ويستند على عصا صفراء لينثر ذكرياته العتيقة: كانت ينابيع الفارعة تتدفق في الوادي بقوة، وأقيمت على جوانبه 12 مطحنة قمح تعمل بالماء، وبقيت ثلاث منها تدور حتى العام 1972، وهي: الدبورية، والزكية، والمشاقية، وأذكر جيدًا كيف كنا نجمع الأسماك من محيطها، ولا أنسى ما نقلته لي أمي عن أخي الأكبر أحمد الذي  توفي بعدما سقط في إحدى الطواحين لشدة تدفق الماء.

ذكريات الماء

يضيف، خلال الحلقة 59 في سلسلة "أصوات من طوباس" التي تنظمها وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، وتنشر بالتعاون مع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): كنا نمشي  في "طريق تركيا" كل يوم من وادي الربيعية، ونصل بقايا جسر تركي قديم، ثم نشاهد القادمين على الخيول والدواب، الذين يحملون القمح لطحنه.

ووفق الحمود، فقد اختفت طواحين الوادي: الميثلونية، والدبورية، والربيعية، والمشاقية، والطوباسية، والطمونية، والزكية، وأخواتها، وبقيت أطلال بعضها وذكريات كبار السن الذين شاهدوها تعمل بكل طاقتها أيام الحكم العثماني، ثم شاهدها الجيل التالي، فكان أصحاب الطواحين يجمعون الماء في خرطوم خشبي، ويدفعون به إلى حوض في أسفل البناء، وحين يصب الماء على الحجر المربوط بالأنبوب العلوي، يدور دولاب الطاحونة بقوة كبيرة.

يقول: كان أساس الطواحين العمود الخشبي الذي يشبه محرك الجرار الزراعي الذي يشغّل الأدوات الزراعية، فهو مربوط بحجر كبير في الأعلى، وحين يتحرك تبدأ عملية طحن الحبوب، وإن أراد إيقاف الدولاب، يقترب من طاقة علوية مربوط فيها ألواح خشبية عريضة كان يسميها الأطفال "مندلينا"، حين تسحب يتوقف تدفق الماء عن فراشات المحرك، وإن أراد إعادة تشغيلها يسحب نحوه في جهة معاكسة. فيما كانت أسفل قناطير الطاحونة تسمى "النذر"، وهي منطقة مرتفعة تجري في داخلها المياه، وتحتها حوض الطاحونة في الأسفل.

واستناداً إلى الراوي، فإن طواحين الفارعة كلها كانت تسير بالتتابع، فحين يصل الماء لأول الطواحين وتدور رحاها، تنتقل المياه بسرعة إلى الطاحونة التالية، وهكذا وصولاً إلى الطاحونة الأخيرة، عند جسر الملاقي (الذي يجمع وادي الفارعة بوادي الباذان)، وكلها في خط سير الوادي ذاته.

أجور وطحين

يتابع: كان بعض أصحاب الطواحين يتقاضون ربع الدقيق بدل طحن الحبوب، وبعضهم يأخذ ثلث الطحين، ولم تكن النقود دارجة حتى توقفها في العام 1972، ولم تجف ينابيع الوادي طوال عمل الطواحين، فقد كانت الأمطار غزيرة دائماً.

ويقول: كنت أزرع البطيخ والبندورة والخيار والفستق والشمام في الأراضي الوعرة فوق الوادي، وكنا نسحب الماء من آبار عديدة قبل جفافها، وفي مواسم المطر الجيدة كان الوادي يجمع كميات كبيرة من المطر ثم تشربها الأرض، أو تظل تجري حتى جسر الملاقي وتصل نهر الأردن. أما هذه الأيام فمياه الأمطار تتوقف فترة قصيرة، ثم تشربها الأرض، وقد بدأنا نعاني جفاف الآبار منذ بداية الثمانينات. وقد اسـتأجرت 30 دونما في المنطقة قبل العام 1967 بمبلغ ستين ديناراً لعشر سنوات، وكنت أسحب المياه من المنطقة إلى سهل سميط، وحتى في الأراضي الوعرية كان وزن البطيخة الواحدة يفوق العشرين كيلوغراما.

وبحسب الراوي، فقد جفت بساتين الحمضيات في الوادي وينابيعه، ولم يتبق من طواحين الهواء إلا بعض الآثار المتداعية، وصارت بعض أماكن الطواحين مكرهة تجمع الخنازير، وتجمع ماء المجاري، وتلفظ مطاحن الحبوب آخر أنفاسها، بسبب انتشار المخابز الآلية، وتوقف معظم الناس عن صناعة خبزهم بأنفسهم.

بانوراما وحياة

بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف، إلى أن الوزارة ستضيف إلى برامجها الدورية: "أصوات من طوباس" و"ذاكرة لا تصدأ" الخاص بتوثيق التاريخ الشفوي لنكبة شعبنا والمدن القرى المدمرة، و"كواكب لا تغيب" المكرس لإعادة سرد قصص شهداء الحرية، برنامج جديدة.

وأضاف: سيجري إحياء برنامج "قضية ومسؤول" الذي يفتح نافذة حوار بين أصحاب القرار والمسؤولين والمواطنين، وينقل تلفزيونيًا بالتعاون مع فضائية جامعة القدس المفتوحة، وسيتم إطلاق برنامج "ضياء" لتقديم إطلالة مرئية على مناطق طوباس الأغوار الشمالية بالشراكة مع "القدس المفتوحة"، إضافة إلى سلسلة "نور" لتسليط الضوء على قصص نجاح ومبادرات  تعليمية لافتة، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024