الأحمد يهنئ فهد سليمان بانتخابه أميناً عاماً لـ"الجبهة الديمقراطية" ونجاح المؤتمر الثامن    فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم قرى في محافظة جنين    الخارجية الأميركية: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    الصحة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة والضفة إلى34637 منذ السابع من تشرين الأول    في اليوم الـ200 للعدوان: شهداء وجرحى في قصف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    المعتقل عزات غوادرة من جنين يدخل عامه الـ22 في سجون الإحتلال    200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع  

200 يوم من العدوان: الاحتلال يستهدف شواطئ غزة وسلسلة غارات شمال القطاع

الآن

تأملات موضوعية

كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"

لا يملك الرئيس ابو مازن، ما يملكه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا ترسانات نووية، ولا حتى  عسكرية بأبسط أسلحتها، ولا اية ترسانات اقتصادية، ولا اية أرصدة مليارية، ومع ذلك لم تكن المعادلة السياسية والدبلوماسية في مجلس الامن الدولي، ولا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما يتعلق بالقدس الفلسطينية العربية لصالح الرئيس الأميركي، ان لم نقل انه قد هزم تماما امام الرئيس الزعيم ابو مازن في هذه المحافل الدولية، برغم ان ترامب كان قد هدد العالم بأسره تقريبا، مباشرة ومن خلال ممثلته في الامم المتحدة، ذات الاسم  المعيب، اذا ما خالف قراره الجائر بشأن القدس التي اعتبرها دونما اي وجه حق عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي ...!!

من الواضح أن القوة الاخلاقية في المحصلة التاريخية، هي الأهم في موازين القوى بطروحاتها الانسانية، ومصداقية هذه الطروحات التي هي هنا طروحات فلسطين التحررية، التي يحملها الرئيس الزعيم ابو مازن متحصنا بقوتها الأخلاقية النابعة من عدالة قضيته الوطنية، وكرامة شعبه التي لن تكون ابدا سلعة في سوق النخاسة السياسية.

لا تقبل الموضوعية ونزاهة التحليل السياسي، الاستهانة بالهزيمة الأخلاقية، التي طالما كانت هي المسامير التي تدق في نعش الإمبراطوريات الفاسدة، ولقد أثبت التاريخ ذلك على الدوام، فامبراطورية روما لم تسقط بعد حرائق نيرون، وإنما بعد ان فسدت اخلاقها وتقبحت إلى أبعد مدى، ولم يسقط نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا إلا بعد أن اكتملت هزيمته الاخلاقية، وحيث لم يعد المجتمع الدولي يقبل بتخريفات وغطرسات العنصرية القبيحة ، ولم ينتصر غاندي على بريطانيا العظمى إلا بقوته الأخلاقية.

ولنا ما قاله الشاعر :

إنما الامم الاخلاق ما بقيت / فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ليس  الأمر أمر القصيدة وحدها ابدا، بل هو أمر الحقيقة والتاريخ أساسا ولهذا ما ثمة مبالغة في كل هذا السياق، ولهذا أيضا لسنا هنا نتوهم هزيمة ساحقة اليوم للولايات المتحدة، ستنهي حضورها الامبراطوري في العالم لكنا نراها الهزيمة الأخلاقية التي تؤسس لنهاية هذا الحضور، وقد باتت ماثلة للعيان، والناس جميعا يتحدثون عنها على هذا النحو أو ذاك،  حتى أصدقاء الولايات المتحدة وحلفاؤها..!! وفي المقابل بات الكل بما في ذلك الأعداء والخصوم يتحدث، وبتعابير مختلفة حتى الملتبس منها، عن انتصار فلسطين الاخلاقي السياسي والدبلوماسي.

والواقع أن الولايات المتحدة لم تكن تتوقع هذه الصلابة في الموقف الوطني الفلسطيني، الذي اشهره الرئيس الزعيم ابو مازن بقوته الاخلاقية في وجه القرار الجائر للرئيس ترامب، ومن الواضح أن الولايات المتحدة ما زالت لا تدرك حقيقة وطبيعة أن الشعب الفلسطيني هو من أكثر شعوب العالم عنادا عادلا كلما تعلق الأمر بحقوقه المشروعة، وكرامة وطنه التي هي أساس كرامته الانسانية وحتى الشخصية، وأنه لا تفريط بهذه الكرامة، بزعامة قيادته الشرعية، الوطنية والنضالية والدستورية، ولا شك بأن هذا الجهل بحقيقة وطبيعة شعبنا الفلسطيني، هو جهل الغطرسة العنصرية التي باتت تقود سياسة الإدارة الأمريكية طبقا للعمل الصهيوني، هذا العمل الذي بات ينسف تباعا اسس المنظومة الأخلاقية للولايات المتحدة، المنظومة التي طالما قالت على مدار قرن من الزمان انها للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان حتى روجت وصفا للولايات المتحدة  بأنها زعيمة العالم الحر، لكنها اليوم لا تدافع سوى عن الاحتلال وسياساته الاستيطانية والقمعية البغيضة...!!

لا تستقيم ابدا عملية تجزئة المنظومات الأخلاقية أو التعامل معها بالمعايير المزدوجة، لكن على ما يبدو ان غطرسة العنصرية تتوهم أن  ذلك ممكن، وفي هذا الوهم تكمن أسباب الهزيمة الأخلاقية، وهذا ما حصل تماما مع الرئيس الأمريكي وإدارته.

يبقى انه لا بد من تعميق هذه الهزيمة وتكريس حقيقتها، لتحقيق الهزيمة السياسية والدبلوماسية الشاملة  لقرارات الإدارة الأميركية وسياساتها تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما يستدعي مزيدا من الصلابة للموقف الوطني الفلسطيني، بالوحدة الوطنية لا سواها، وحدة العمل والخطاب معا وعلى المستويات كافة، وبالطبع دونما انقسام بغيض، وبالسلطة الواحدة، والقانون والواحد، وسلاح الشرعية الواحد.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024