مسؤولة أممية: شمال قطاع غزة يعاني مجاعة شاملة تتجه إلى جنوبه    انتشال جثمان شهيد ثانٍ من تحت ركام المنزل الذي هدمه الاحتلال في دير الغصون شمال طولكرم    مستعمرون يعطبون مضخات مياه في الأغوار الشمالية    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 34,654 والاصابات إلى 77,908 منذ بدء العدوان    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بحماية استقلال المحكمة الجنائية والتهديدات ضدها غير مقبول    الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء الشعائر الدينية بـ"سبت النور"    طلاب في جامعة "برينستون" الأميركية يضربون عن الطعام تضامنا مع غزة    مجلس الأمن يعقد اجتماعا الأسبوع الجاري بشأن المقابر الجماعية في قطاع غزة    مع دخول العدوان يومه الـ211: الاحتلال يواصل قصفه الصاروخي والمدفعي على قطاع غزة مخلّفا عشرات الشهداء والجرحى    الحراك الطلابي التضامني مع قطاع غزة يمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    الاحتلال يشرع بهدم المنزل المحاصر في دير الغصون شمال طولكرم    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    انتشال جثامين 7 شهداء من مدينة خان يونس    قوات الاحتلال تحاصر منزلا في بلدة دير الغصون شمال طولكرم    دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم  

دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم

الآن

أيوب الطفل... قتل مع سبق الإصرار

سامي أبو سالم

صنع محمد أيوب، 14 عاما، عصير الليمون للضيوف، لكنه فشل في تحضير السلطات المصاحبة لوجبة السمك، قبل أن يقتله قناص إسرائيلي برصاصة في الرأس مساء الجمعة شمال شرق مخيم جباليا.

"أعد عصير الليمون وكان فرحا بذلك، وحاول أن يساعدني بتحضير السلطة لكنه فشل وضحك عليه أبوه"، قالت رائدة أيوب، والدة محمد وهي تمسح الدموع التي احتبست في عينيها.

بعد تناول طعام الغداء مباشرة حاول محمد التملص وترك الضيوف للمشاركة في "مسيرة العودة السلمية" سواء بالإصرار أو التملق للوالدين لكنه لم يفلح.

وسط مخيم جباليا نُصب بيت عزاء محمد، اصطف أقاربه وجيرانه لتلقي العزاء، بوستر يحمل صورته بقصة شعر حديثة الطراز، رأس حليق من الجانبين وفي الوسط شعر ناعم مُثبت إلى أعلى، وقف أسفلها أولاد الحارة يتمحصونها بصمت.

في بيتهم ذي السقف الاسبستي والغرف الثلاث، تجمعت نسوة من المخيم، جيران وأقارب والدة محمد، يحطن بها وعيونهن لا يفارقن وجهها الذي بدا عليه الوجوم.

وقالت أيوب لـ"وفا"، إن ولدها ساعدها في تحضير الغداء للضيف الذي يحبه "زوج خالته"، ثم طلب منها المشاركة في "مسيرات العودة" إلا أنها رفضت بشدة خوفا على حياته.

"بعد إصراره اصطحبته في الزيارة الأسبوعية إلى بيت والدي في بلدة بيت لاهيا المحاذية لجباليا، ليبقى تحت نظري"، قالت الوالدة.

في الطريق شاهد محمد حافلات تنقل من يرغب للتوجه إلى المسيرة، حاول الانضمام للراغبين لكن أمه رفضت بغضب، فاعتذر لها وقال: إنه لن يركب أيا من الحافلات.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي أكثر من مقطع فيديو يظهر محمد بعيدا عن السلك الفاصل الذي تحاذيه من الجانب الإسرائيلي تلال رملية يتمترس خلفها قناصة من جنود الاحتلال.

وظهر محمد بقميص أحمر وبنطال أبيض عندما قتله قناص، وقد سقط على الأرض والدماء تسيل من رأسه.

وقال شاهد عيان، أحمد السماعنة، (20 عاما)، إن القناص الإسرائيلي قتل محمد أيوب بعد أن هرب الأخير من الغاز المسيل للدموع.

"جاء جيب عسكري أطلق قنابل غاز مسيل للدموع فهرب محمد وآخرون بعكس اتجاه الريح، ثم تلقى رصاصة في رأسه وسقط على الأرض." قال صالح.

وقالت أمه، إن هذه الملابس هي المفضلة لمحمد، يرتديها عندما يود أن يظهر أمام الناس بمظهر لائق كعادته، وينتقي ملابسه بنفسه.

"كان ينظر في المرآة ويمشط شعره 100 مرة ويحرص على اقتناع أنواع مختلفة من جِل الشعر، دائم الأناقة."

وتساءلت رائدة أيوب (38 عاما) عن "نوعية القلب" لدى القناص الإسرائيلي الذي قتل ولدها على الرغم من أنه لم يشكل خطرا على حياته.

"طفل صغير لا يحمل أسلحة ولا يشكل على القناص خطرا، لا أفهم لماذا قتله، هل لأنه ذهب ليشاهد أرض أجداده؟" قالت أيوب.

وقال والد محمد، إبراهيم أيوب، (42 عاما)، إنه أيضا منع ولده من التوجه للمسيرات، رغم إلحاحه، خوفا على حياته.

توسل محمد أباه للمشاركة "لساعة واحدة بعيدا عن السياج الفاصل"، إلا أن الأخير رفض، مشددا على أن القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على الصغير والكبير.

وقتل جيش الاحتلال 37 فلسطينيا على الأقل وأصاب الآلاف حتى الجمعة الرابعة من مسيرات العودة السلمية التي بدأت بالجمعة الأخيرة في مارس الماضي. ومن المتوقع أن تستمر حتى ذكرى النكبة التي تصادف أواسط أيار.

يتجمهر المتظاهرون في خمس نقاط على بعد 700 متر من الحدود الشرقية بين قطاع غزة (تقريبا مليوني نسمة) ودولة الاحتلال التي يبلغ طولها زهاء 45 كيلومترا.

وكان المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، طالب بتحقيق في مقتل الطفل محمد أيوب.

"إنه لأمر فظيع أن تطلق النار على طفل، كيف يمكن لقتل طفل أن يساعد في عملية السلام؟" تساءل ميلادينوف في تغريدة على "تويتر" مساء أول أمس، مشددا على ضرورة حماية الأطفال من العنف بدل قتلهم.

اختلطت مشاعر إبراهيم أيوب، والد الأطفال الستة، وهو يتألم لأنه لم يستطع أن يشتري هاتفا ذكيا، فقد وعده بالهاتف إلا أن القدر كان أسرع.

"اقترب مني وأنا جالس، كَلْبَشْته "قيدته" بساقيّ وهو واقف، منعته من التحرك ونحن نتمازح وقلت لن تذهب لأنك لم تُجِد تحضير السلطة،" قال إبراهيم أيوب وعيناه تذرفان الدموع.

ويذكر الوالد أن صوت محمد كان يعلو وهو يلعب كرة القدم أو يردد أغاني الفنان الفلسطيني محمد عساف، لكن لا يشعر به أحد عندما يلعب ألعاب على هاتفه النقال.

"أفتقد لصوته وضحكه وشعره المرفوع لأعلى، ورائحة العطر الذي يكثر من استخدامه... الحارة فقدت حبيبها،" قال والده وقد تسمّرت عيناه تجاه صورة ولده.

وكان جيش الاحتلال أعلن مع بدايات مسيرة العودة أنه يعرف مسار كل رصاصة يطلقها القناصة. كما وتزعم دولة الاحتلال أن جيشها من أكثر الجيوش التي تتمتع بالأخلاق في العالم.

لكن والد أيوب يرى أن جيش الاحتلال هو الأكثر إجراما، لأنه يقتل الأطفال متعمدا.

"من قتل محمد كان قناصا، لم يستشهد بشظايا قصف ولا إطلاق نار عشوائي، هذا قناص".

وقالت مصادر طبية فلسطينية إن جنود الاحتلال قتلوا يوم الجمعة أربعة مواطنين، بينهم محمد أيوب، فيما أصيب 305 مواطنين بالرصاص، بينهم 15 طفلا، تم نقلهم إلى المستشفيات، بينما تلقى زهاء 400 مواطن علاجا في المستشفيات الميدانية.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024