بوريل: لا مكان آمن في قطاع غزة ونحن على مشارف أزمة إنسانية كبرى    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 34789 شهيدا و78204 اصابات    الاحتلال يعتقل 22 مواطنا من الضفة بينهم طفل جريح    الحراك الطلابي يتسع.. انضمام جامعات جديدة في العالم دعما لفلسطين    21 شهيدا وعشرات الاصابات في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة غالبيتهم من رفح    الاحتلال يحتل معبر رفح ويوقف حركة المسافرين ودخول المساعدات إلى قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    في اليوم الـ214 من العدوان: شهداء وجرحى في سلسلة غارات عنيفة على رفح وغزة وجباليا    الهلال: الاحتلال يحاصر مجموعة من المتطوعين داخل منزل في مخيم طولكرم    الأونروا: الهجوم على رفح يعني المزيد من المعاناة والوفيات    الاحتلال يطالب المواطنين بإخلاء رفح جنوب القطاع    "جوال" تعلن عن وجود خلل عام يؤثر على خدمات الاتصال الخلوي    خريجون يرفعون العلم والكوفية الفلسطينية أثناء حفلات التخرج في الجامعات الأميركية    الاحتلال يهدم طابقا من منزل ومنشأة تجارية في رأس كركر شمال غرب رام الله    في اليوم الـ 213 من العدوان: استشهاد 22 مواطنا بينهم 8 أطفال إثر غارات للاحتلال استهدفت 11 منزلا في رفح  

في اليوم الـ 213 من العدوان: استشهاد 22 مواطنا بينهم 8 أطفال إثر غارات للاحتلال استهدفت 11 منزلا في رفح

الآن

"من هناك".. مع فخري رطروط

رام الله- استضاف صوت فلسطين في أولى حلقات برنامجه المخصص للمبدعين الفلسطينيين في المهجر والشتات الشاعر الفلسطيني فخري رطروط المقيم في نيكاراغوا.

وقال رطروط في بداية الحوار، إنه يكتب ويرسم ما يخيفه، ان أميركا اللاتينية أضافت لقصيدته اللون الأخضر.. فصارت أكثر حياة وتأملا، وان الفلسطينيين الأوائل الذين وصلوا إلى أميركا اللاتينية شعراء، وهم الأبطال وتاريخهم يستحق البحث.

معد ومقدم البرنامج مصطفى بشارات قال "ان فكرة برنامج "من هناك" تستمد مشروعيتها ومادتها من الرؤية التي وضعتها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية لنفسها وهي (جلب العالم إلى فلسطين، ونقل فلسطين إلى العالم)، وانطلاقا من ذلك فإن البرنامج يستهدف بشكل خاص العرض لأصوات المبدعين الفلسطينيين في بلدان المهجر والشتات وتعريف الجمهور الفلسطيني بهم وبنتاجاتهم: من شعر، وقصة، ورواية، وفن، وموسيقى، وغناء، وغيرها من فنون الإبداع".

صدر عن رطروط 4 دواوين شعرية هي: "صنع في الجحيم"، و"جنة المرتزقة"، وأربعمائة "فيل أزرق"، و"البطريق في صيف حار"، وله ديوانان بانتظار الطبع.

يستهوي رطروط التعريف على نفسه بأنه شاعر فلسطيني- أردني- نيكاراغوي، ويقول "إنه يعتبر أي إنسان يقيم في أي بلد أكثر من 5 سنوات ابنا لهذا البلد".

ويضيف انه "محظوظ لأنه من الشعراء الفلسطينيين القلائل الذين عاشوا في أميركا اللاتينية" معتبرا أن هذه القارة "فتحت عينيه على ثقافة أخرى وعالم مدهش مختلف".

 

ويعلل الشاعر فخري رطروط كثرة الشعراء في أميركا اللاتينية لأسباب تتعلق بطبيعتها الجميلة، حيث تطوقها المحيطات من جهاتها الأربع.

ويشرح رطروط في الإطار ذاته قائلا: هذه القارة –أميركا اللاتينية- أضافت لقصيدتي اللون الأخضر، والماء، نوعا ما، فصارت قصيدتي أكثر حياة، وتأملا، وأكثر بعدا عن الأيديولوجيا والمعتقدات.

ويتابع "أنا أقول دائما إن الشعر يكتب بعيدا عن أي أيديولوجيا مسبقة.. بعيدا عن أي حزب سياسي.. يكتب في العراء.. الشعر ينمو في الهامش.. الشعر يركز على هامش العالم؛ وهذا يفسر عزلة شعراء كبار ابتعدوا عن المدن وسكنوا في أماكن نائية؛ لأن الشعر مجهر يضع العالم تحته".

وفي عرضه لأبرز مشاهداته في أميركا اللاتينية، يستذكر الشاعر فخري رطروط حين زار السلفادور قبل عدة سنوات النصب الكبير الذي أقيم في مقبرة مخصصة للعظماء في هذا البلد وهو للفلسطيني شفيق حنظل الذي كان رئيسا للحزب اليساري الذي قاد الثورة ضد العسكر في السلفادور، وحي توفي سار كل أبناء البلد في جنازته.

وعن نيكاراغوا والثورة السانديستينية، يقول رطروط إن آلاف الفلسطينيين أو من أصول فلسطينية كانوا في هذا البلد في السبعينيات، وشاركوا في هذه الثورة التي كان أحد قادتها الخمسة الكبار فلسطينيا من عائلة حسان ما زال على قيد الحياة واستلم فيما بعد رئاسة بلدية العاصمة مانانغوا.

يضيف "كما ارتقى شهداء فلسطينيون في هذه الثورة، وهناك حي كامل يطلق عليه اسم سليم شبلي، أحد الشباب الفلسطيني الذين قاتلوا مع الثوار الساندنيستينيين، وهناك أشهر مستشفى في مدينة شننديغا يحمل اسم مستشفى عبد الله، وهو مقاتل فلسطيني استشهد في صفوف الثورة السانديستينية".

وعن الحضور الثقافي الفلسطيني، خاصة، والعربي عامة في  أميركا اللاتينية، قال رطروط: إنه بدأت مؤخرا حركة ترجمة فردية غير مدعومة حكوميا ولا مؤسساتيا لنقل الشعر الفلسطيني أو العربي إلى الاسبانية التي تتحدث بها كل دول القارة باستثناء البرازيل التي تتحدث البرتغالية.

وفي وقت نوه فيه إلى أن الجهود على هذا الصعيد لا زالت فردية، حيا رطروط الكاتب الفلسطيني الكبير صالح علماني والذي قال إنه "مؤسسة كاملة، ترجم الكثير من الآداب والروايات اللاتينية العظيمة إلى العربية" مضيفا "أننا بحاجة إلى استنساخ مثل هذه التجارب".

وفي السياق تابع "الآن الوضع مختلف وبدأنا بعمل تحالفات وتجمعات للشعراء؛ أحيانا ننجح بدعوة شعراء فلسطينيين إلى مهرجانات أدبية في أميركا الوسطى، ونيكاراغوا، وكوستاريكا".

ويعطي مثالا بالخصوص "في نيكاراغوا كنت حريصا على أن يأتي كل سنة شاعر فلسطيني أو أكثر لمهرجان عالمي يحضره أكثر من 120 شاعرا من 120 دولة".

من جهة ثانية، وحول الموت تحديدا، وبوصفه أحد أبرز الأسئلة التي تؤرق الشعراء عادة، قال رطروط إن الموت هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة وإنه دائم التفكير به بسبب وجوده في الغربة وقلقه على ما سيحصل لأولاده إذا ما مات.

على النقيض من ذلك، شعريا، أوضح رطروط "أن موت الشعراء يأخذ دائما طابعا مختلفا عن موت الآخرين خاصة إذا كان الشاعر كبيرا بالمعنى الشعري والإنساني" معتبرا أن الشعراء، بالنسبة له، لا يموتون، بل "يتظاهرون بالموت" مضيفا " الشعر هو أحد وسائل الخلود في هذا العالم (...) يستطيع تخليد قصيدتك، واسمك، وقصتك".

ويتابع مدللا "كما قال محمود درويش في جداريته الشهيرة (بالفنون هزمنا الموت)".. ويمضي الشاعر نفسه في الإطار قائلا "في إحدى مقابلات محمود درويش، والذي اعتبر أنه أفضل شاعر عربي عرف كيف يخاطب الآخر، سألته صحفية إسرائيلية (هل الشعب الذي ليس لديه شاعر كبير هو شعب مهزوم) فرد قائلا بأن طروادة لم ترو قصتها، ومن رواها هم الشعراء الإسبارطيون".

وفي حديثه عن قريته عقربا في جنوب شرق نابلس التي يتحدر منها، استذكر رطروط كيف أن والده، والذي يعمل مدرسا وراتبه بسيط ويحمل تصريح احتلال، كان مجبرا كل 5 سنوات على زيارة الوطن حتى لا يفقد المواطنة.

وقال: "كلما قرأت عبارة (السراط المستقيم) في سورة الفاتحة تأتي في بالي صورة الجسر الحديدي فوق نهر الأردن والباص الذي يمر على الجسر وطقطقة هذا الجسر".

وعن مدينة الزرقاء حيث يعيش والداه، يشرح كيف أن معظم سكان المدينة من أصول فلسطينية، وكيف أن كل شيء في حياتهم مؤقت بانتظار العودة إلى الوطن، كما يشرح كيف أنه يحمل (الكرت الأصفر) معتبرا أن "مسألة الكرت الأصفر والأخضر أحجية لا يعرفها إلا الشعب الفلسطيني".

وخلال مداخلة صوتية للدكتور نضال الشمالي المحاضر في جامعة البلقاء التطبيقية في الأردن وهو مختص بالنقد الحديث ومهتم بالسرديات، قال: " قصيدة فخري رطروط فيها حركية؛ لأن حركية الكلمات في شعره تدهش وتفرح وتبكي أحيانا إلى حد الهذيان.. مثلا في ديوانه (البطريك في صيف حار) يقول (أمسكوه تائها في زقاق السماء الثامنة يسأل ملاكا جالسا أمام دكان لبيع الأقمشة: كيف الوصول إلى الأرض).. هذه صورة ساخرة عالية المستوى، لا تهبط إلى مستوى سطحي، ولا تتجه نحو الإضحاك.. هي تقودك إلى فكرة تتدحرج أمامك لتصيبك".

وأضاف الشمالي ان رطروط يحاول بأفكاره أن يصيب القارئ، وأن يجعله محاصرا أمام فكرة معينة، أما مسألة أن يقتنع القارئ بهذه الفكرة أو لا فهذا شأنه. وتابع الناقد الأدبي نفسه أن "ما يكتبه فخري من ناحية التجنيس الأدبي يتراوح بين هويتين: يكتب نص على أنه قصائد نثر، ومن جهة أخرى تقرأ نصوصه على أنها قصص ومضة أو ما تسمى القصة القصيرة جدا.

وسأل الشمالي في ختام مداخلته الشاعر فخري رطروط: "لماذا يمنح الشاعر نفسه إذنا بإعادة تشكيل الوجود بمنظار العبث واللامعقول، وما الذي يقدمه له هذا العبث؟".

وكان رد رطروط: "هذا الكون خلق من كلمات.. خلق من حرفين (كن)، وكل شيء كتب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق هذا الكون.. وهناك قسم بالقلم.. فالشعر إذن هو خلق آخر وإعادة تشكيل العالم بالكلمات وإعادة تجميل القبيح كي يصبح العالم أكثر احتمالا، وبث الكوميديا السوداء في النصوص ليس هدفه إتعاس القارئ وإنما إدهاشه وإخراجه من هذا الواقع الذي يعيشه؛ لأن واقعنا أحيانا سريالي يمكن أن تسميه أي شيء إلا الواقع".

وبعد عقد مقارنة بين رسومات أدونيس التي يسميها "رقميات" ورسوماته التي يدعوها "كائنات فخري رطروط" قال الشاعر نفسه إنه يكتب ويرسم تماما كما كان يفعل إنسان الكف أول الحياة.. كان يرسم ما يخيفه على جدران الكهف، وأنا أكتب ما يخيفني وأرسم ما يخيفني، ولا فرق بين الشعر والرسم: كلاهما متداخلان، وكلاهما يأتيان من أعلى، و" الرسم هو شعر صامت، والشعر رسم ناطق".

وتابع رطروط: " ما أعجز عن إخراجه من داخلي من مشاعر وكوارث في الشعر تخرجه هذه الكائنات الطفولية: صامتة، ذاهلة، تعيش معي منذ 46 سنة، عمرها من عمري، وهي تختار وقت خروجها" معتبرا أن الرسم بالنسبة إليه هو تفريغ لطاقات سلبية مثله مثل الشعر نوع من العلاج.

ودار السؤال الأخير لرطروط عن العلاقة بين الشعر الذي يكتبه ومهنة القماش التي يعمل بها في نيكاراغوا وأيهما حيك من الآخر: الشعر من القماش أم العكس، فرد قائلا " أن كل شيء في هذا الكون هو قطعة قماش: الشعر قطعة قماش، والرسم قطعة قماش.. وقطعة القماش هذه تتكون من خيوط أفقية وعمودية.. تتأمل قطعة القماش وألوانها وخيوطها ويأخذك فكرك إلى الحقول وإلى القطن الذي زرع في هذه الحقول، وتتأمل من زرعوا هذه الحقول ومن حصدوها، وكيف صنعوا من القطن خيوطا وكيف ذهب إلى المصنع، وكيف تم صبغه في المصنع، وكيف تم نسجه ليصبح قطعة قماش".

وختم رطروط حديثه لبرنامج (من هناك) في إذاعة (صوت فلسطين) بالقول "أنا أعتبر أن المهاجرين الفلسطينيين الأوائل الذين وصلوا إلى  أميركيا اللاتينية هم الشعراء، وهم الأبطال وتاريخهم يستحق البحث، ويستحق عمل مؤسسات لمتابعة هذا التاريخ المفقود، أو الحلقة المفقودة من تاريخ الشعب الفلسطيني في هذه القارة النائية".

 

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024