دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم    تركيا تقرر الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    "الأسرى": آلاف العمال تعرضوا للاعتقال والتعذيب من قبل الاحتلال منذ السابع من أكتوبر    الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليفورنيا وأخرى جنوب فلوريدا لفض اعتصامات مناصر لفلسطين    القواسمي يثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية الداعم للقضية الفلسطينية    سعد: الاحتلال قتل 25 عاملا منذ مطلع العام الجاري واعتقل 5100 آخرين    "هيئة الأسرى": إدارة سجون الاحتلال تواصل ارتكاب أبشع المجازر بحق المعتقلين داخل السجون    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة الى 34568 شهيداً و77765 مصابا    الاحتلال يعتقل 20 مواطنا من عدة مناطق بالضفة الغربية    في اليوم الـ208 من العدوان على غزة: شهداء ومصابون في غارات متفرقة على القطاع    شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا ورئيستها تطالب بـ"تطهير مواقع الاحتجاج"    الاحتلال يفرج عن الأسير علي باسم حسين من قلقيلية بعد 22 عاما من الاعتقال    شهداء بينهم أطفال في غارات إسرائيلية على جنوب ووسط وشمال قطاع غزة    قراقع: على العالم وقف المذبحة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون    "فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى  

"فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى

الآن

الدراسة والامتحانات في شهر رمضان.. هل هناك نهاية لمسيرة التذمر والعناء؟

عبير البرغوثي

تنشغل الأسر الفلسطينية هذه الأيام بموضوع تنظيم برامج دراسة أبنائها في ظل حلول شهر رمضان المبارك، فخلال هذا الشهر تتغير كل العادات، فالمواعيد لا تبقى كما كانت عليه قبل أيام، وبرامج العمل اليومي تنقلب رأسا على عقب عند البعض، فتراهم نائمين طوال النهار وفي منتهى النشاط خلال الليل، لأن البعض يرى بالنوم وسيلة لبلوغ ساعة الافطار، لأنه صائم!
هي حقاً فترة صعبة تتطلب ترتيب وتنسيق البرنامج اليومي وفق ايقاع جديد، فشهر رمضان له متطلبات وطقوس وعادات، واستمرار العام الدراسي له التزامات وواجبات، وكلها تتزامن مع ايام دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة والضغط من كل الاتجاهات! وتزداد صعوبتها على الأسر مع وجود أمرين اضافيين، الاول قرب نهاية العام الدراسي وهذا يعني المزيد والمزيد من الامتحانات التي تتطلب التركيز والدراسة، والسبب الثاني اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" وفق البرنامج الرسمي، وهذان الأمران بحد ذاتهما قصة أعصاب وضغط وحروب يومية في الظروف الاعتيادية، فما بالك في ظل هذه الأيام؟
انها تحد للقدرة على التحمل وضبط الاعصاب ولا سيما للأم وربة البيت، فهي الى جانب ذلك مسؤولة عن تحضير التزامات وواجبات الأسرة لشهر رمضان، وهي المسؤولة أو المسحوقة تحت ضغوط التدريس والحفاظ على الالتزام ببرنامج نهاية العام الدراسي، لانه اذا تراخت الاجراءات فعلى العام الدراسي السلام!.
استكمال متطلبات التدريس للعام الدراسي الاعتيادي مهمة صعبة في ظل التعامل مع الصيام بأنه فترة لانخفاض النشاط، ربما جاء ذلك بسبب تزامن شهر رمضان خلال السنوات السابقة مع اجازة الصيف، حيث لا برامج دراسية ولا قيود مشددة على السهر من قبل الأسر تجاه الأبناء، ولكن مع تزامن نهاية العام الدراسي العادي و"التوجيهي" وشهر رمضان هذه الأيام، تتكشف تحديات على مستوى الأسر والأبناء صباح ومساء كل يوم.إنها حالة من الصراع مع كل شيء، الوقت لا يكفي، والأعصاب لا تتحمل، فقد تغيرت برامج الدراسة والسهر في رمضان، لأنه شهر التواصل والتراحم والنشاطات، فكيف تقنع الأولاد بأن يتناولوا الطعام  ويعودوا بكل سهولة  للدراسة والنوم كالمعتاد؟ وكيف تنجح في الحفاظ على نهوضهم النشيط عند الصباح؟ فهم لم يعتادوا على هذا التوقيت، والأصعب أنه حينما يعتادون عليه ينتهي رمضان، وكذا الحال للموظفين، فما ان تتأقلم مع البرنامج الجديد حتى تعود للبرنامج القديم!.
ولعل ذلك يفسر هذا الحجم من التذمر والصعوبات التي نواجهها، في البداية القتال المستمر لإبقاء الابناء في أجواء الدراسة، ولاحقاً ابقاء شعلة النشاط لديهم متقدة، وأخيراً توفير اجواء الدراسة لمن هم في مرحلة "التوجيهي"، وهذا يعتبر من التحديات والتغييرات الكبيرة على الأسر عموماً،  لأن التحضير لـ "لتوجيهي" هم وقصة كبيرةفي الأيام العادية بحد ذاتها، فتعلن حالات الطوارئ في البيوت لان الإبن او الإبنة لديهم "توجيهي"، وتختلف مواعيد الزيارات، وتتغير البرامج والالتزامات، وتكثر الاعتذارات عن المشاركة في كثير المناسبات، ويتم الاعتذار عن تلبية العديد من الدعوات، لأنها تتعارض ووجود من هو توجيهي في البيت!, خاصة وأننا نحن من وضعنا دراسة التوجيهي وكأنها مرحلة الخلاص للطالب والأسرة، مرحلة خوف وتحسب وتهديدات! اذا لم تنجح فقد خسرت 12 عاما من حياتك الدراسية، مرحلة يدخلها الطالب مرعوباً وتنتظر الأسرة نتائجها بكل خوف ورجاء! نحن من نصنع الغول بأيدينا ونبحث عن المساعدة للتغلب عليه بعد حين، ونسأل انفسنا من ينجينا مما نحن فيه؟
سواء كنت مسيطراً على الأمور، أو متعبا من هذه التحديات، فان الحياة مستمرة، وكل واحد منا لديه طريقته الخاص للموازنة بين متطلبات التدريس ومتطلبات وطقوس شهر رمضان، وعلينا التعامل مع الواقع كما هو، فليس هذا مبررا للتقصير في ذلك ولا العكس، هكذا الدنيا، منوعة والأشياء التي نحبها قد لا تحب بعضها البعض، ففي رمضان وفي لحظات الضغط تتعرف على أصناف وانواع من الناس داخل الأسرة وخارجها، تتعرف على الأفعال وردود الافعال على نحو أفضل، فهذا مدخن بالكاد يضبط لسانه ويده عن التدخين، ويكاد ينفجر في اي لحظة، والافضل ان تتجنبه في كل الاحول، وذاك يركض لشراء بعض الاحتياجات وعينه على محل الحلويات والاخرى على بعض المشروبات قبل الحصول على موقف السيارات اذا وجد لذلك سبيلاً، الشوارع تعج بكل شيء، وتتزاحم الاقدام فيما تبقى من مسافات على الرصيف، وتسال نفسك لماذا تخرج البضائع والبسطات الى خارج المحلات، فالرصيف وجد للمارة وليس للقفز عن حواجز المعروضات!
كلها قصص متشابكة لحالة المواطن منا كل صباح، فبعد ان تخرج من بيتك لا تسمع الا صوت الركض، وصوت النداء وصوت الوعيد من كل الاتجاهات، في الاسرة، في المدارس، في الشوارع، في مكان العمل وفي كل مكان!  اسئلة كثيرة تدور في ذهن الناظر لحركة الناس في هذه الاتجاهات، لماذا يتجلى المزاج الحاد وتتضح العصبية في شهر رمضان؟ والذي يفترض أن يكون سلوكنا فيه تعاونياً وحضاريا من الصباح وحتى المساء.فكيف لنا أن نخرج أفضل ما في داخلنا في الازمات ووقت الضيق؟
هل هي مسؤولية الأسر أن تقوم بكافة الترتيبات؟ ام هناك مساحة كبيرة للمؤسسات المعنية بالتخفيف من وقع هذه المتزامنات؟ هل من برامج او مبادرات لاعادة النظر في توقيت الاجازات والامتحانات وبرنامج "التوجيهي" لتأخذ بعين الاعتبار هذه المناسبات؟
ام هي ثقافة التذمر التي تحرك ردود الافعال واسلوب حياتنا في كافة المناسبات؟ نحن بحاجة لمراجعة لادوارنا وطريقة قيامنا بها، فالوزارة المختصة مطالبة بمراجعة موضوع الاجازات والامتحانات وتوقيتاتها بما يخفف من الاعباء، وان يتم البحث في موضوع "التوجيهي" وهل هو ما زال الأسلوب الوحيد لتقييم التخرج من المدارس نحو الجامعات؟ كما أن الجهات المعنية مطالبة بدراسة التوقيتات لبدء وانتهاء الدوام المدرسي ومواعيد العمل في القطاعين العام والخاص للوصول الى افضل توافق ممكن، بما يقلل من الضغط والتزاحم عند الصبح والمساء في شهر رمضان!
وجب القول بأن نهر الأيام مستمر في كل الاشهر والفصول،  وبناء الاجيال عملية متواصلة، والاستثمار في المستقبل يعتمد على نوعية قراراتنا التي نتخذها اليوم، والاستمرار في التعلم والتعليم مسيرة من التدريس المتواصلة من الماضي والآن ومستقبلاً، وشهر رمضان يتكرر في كل عام، والمسألة كلها ترتبط ربما بالتخطيط والتقييم والتثقيف واستخلاص الدروس والعبر، وكلما ابدعنا في التفكير خارج الصندوق عن حلول لمشاكلنا،كلما خففنا من الأعباء على جميع مركبات ومكونات المجتمع.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024