دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم    تركيا تقرر الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    "الأسرى": آلاف العمال تعرضوا للاعتقال والتعذيب من قبل الاحتلال منذ السابع من أكتوبر    الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليفورنيا وأخرى جنوب فلوريدا لفض اعتصامات مناصر لفلسطين    القواسمي يثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية الداعم للقضية الفلسطينية    سعد: الاحتلال قتل 25 عاملا منذ مطلع العام الجاري واعتقل 5100 آخرين    "هيئة الأسرى": إدارة سجون الاحتلال تواصل ارتكاب أبشع المجازر بحق المعتقلين داخل السجون    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة الى 34568 شهيداً و77765 مصابا    الاحتلال يعتقل 20 مواطنا من عدة مناطق بالضفة الغربية    في اليوم الـ208 من العدوان على غزة: شهداء ومصابون في غارات متفرقة على القطاع    شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا ورئيستها تطالب بـ"تطهير مواقع الاحتجاج"    الاحتلال يفرج عن الأسير علي باسم حسين من قلقيلية بعد 22 عاما من الاعتقال    شهداء بينهم أطفال في غارات إسرائيلية على جنوب ووسط وشمال قطاع غزة    قراقع: على العالم وقف المذبحة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون    "فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى  

"فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى

الآن

الخروج من عباءة الدّرويش

محمد علي طه

لا يستطيع باحث أدبيّ للشّعر العربيّ في القرن العشرين أن يتجاهل تأثير قصيدة "الأرض اليباب" للشّاعر الإنجليزيّ – الأميركيّ ت. أس. إليوت (ت 1965) تلك القصيدة التي حظيت بترجمات عديدة ودراسات كثيرة وصدرت في عدّة كتب ومجلّات. ومن الطّبيعيّ أن يتأثر المبدع بمبدعين بارزين وبأعمال أدبيّة كبيرة أحدث ميلادها دويًّا في الميدان الأدبيّ والثّقافيّ.
تأثّر الشّعراء العرب اليساريّون في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان ومصر والسّودان بكبار الشّعار الثّوريّين في العالم أمثال غارسيا لوركا الإسبانيّ (ت 1936) وناظم حكمت التّركيّ (ت 1936) وبابلو نيرودا التّشيليّ (ت 1977) ولويس اراغون الفرنسيّ (ت 1982) وغيرهم من شعراء روسيا وبلغاريا بينما تأثّر شعراء آخرون بقصيدة النّثر الغربيّة وبمدرسة الفنّ للفنّ.
كان لقصائد الشّاعريين العراقيّين بدر شاكر السّيّاب ونازك الملائكة التي تحرّرت من الشّعر العموديّ واعتمدت على التّفعيلة أثر على الشّعر العربيّ في العالم العربيّ كلّه، واعتبرها النّقّاد ثورة في الشّعر العربيّ الحديث، وكان من البدهيّ أن يتأثّر شعراء عديدون من بلادنا في ستّينيات وسبعينيات القرن الماضي بقصائد الشّعراء بدر شاكر السّيّاب وعبد الوهّاب البياتيّ (العراق) وصلاح عبد الصّبور وأحمد حجازي (مصر) ومحمّد الفيتوريّ (السّودان وليبيا) وأدونيس ونزار قبّاني (سوريا) وخليل حاوي (لبنان) إلا أنّ الشّعراء الموهوبين استطاعوا أن يخرجوا من عباءات هؤلاء الكبار وأن يبدعوا قصائد رائعة أثارت اهتمام واعجاب النّقّاد والقرّاء فقد أضاف الشّعراء سميح القاسم وتوفيق زيّاد وراشد حسين وسالم جبران وآخرون قصائد هامّة وجميلة للشّعر الفلسطينيّ والعربيّ ومازالت الأجيال تردّدها حتّى اليوم ولا نستطيع إلا أن نذكر قصائد لشعراء فلسطينيّين كبار أمثال فدوى طوقان ومعين بسيسو وعزّ الدين المناصرة وأحمد دحبور.
ولا بدّ للقارئ المتمكّن أن يلمس تأثّر الشّاعر محمود درويش في مرحلة الشّباب بالشّاعر الإسبانيّ لوركا ثمّ تأثّره بالتّوراة في مرحلة أخرى ولكنّ النّفس الدّرويشيّ والعبقريّة الدّرويشيّة برزت وسيطرت على القصيدة الدّرويشيّة منذ البدايات فصارت علامة بارزة في الشّعر العربيّ.
راودتني هذه الأفكار السّريعة وأنا أقرأ قصائد لشعراء فلسطينيّين وعرب من الجيل الجّديد، والحقّ أنّ بعضهم شعراء موهوبون يبشّرون بالخير إذا ما ثابروا واجتهدوا وقرأوا الكثير الكثير إلا أنّهم دخلوا عباءة الدّرويش واستراحوا بارتدائها ولم يخرجوا منها بعد.
هناك فرق شاسع بين التّقليد وبين التأثّر وأمّا القارئ فيحبّ القصيدة الأصيلة والأصليّة ويفضّل قراءة أشعار درويش من "أوراق الزّيتون" حتّى "لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي" ولا يحبّ أشعار مقلّديه.
ليس عيبًا أن يتأثّر شاعر شابّ بشاعر كبير مثل محمود درويش ولكنّ لا يصحّ أن يبقى مقلّدًا له إلى الأبد.
أرجو أن يكون شعر الدّرويش مصدرًا للإلهام والأبداع لا عائقًا في تطوّر القصيدة العربيّة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024