بوريل: لا مكان آمن في قطاع غزة ونحن على مشارف أزمة إنسانية كبرى    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 34789 شهيدا و78204 اصابات    الاحتلال يعتقل 22 مواطنا من الضفة بينهم طفل جريح    الحراك الطلابي يتسع.. انضمام جامعات جديدة في العالم دعما لفلسطين    21 شهيدا وعشرات الاصابات في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة غالبيتهم من رفح    الاحتلال يحتل معبر رفح ويوقف حركة المسافرين ودخول المساعدات إلى قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    في اليوم الـ214 من العدوان: شهداء وجرحى في سلسلة غارات عنيفة على رفح وغزة وجباليا    الهلال: الاحتلال يحاصر مجموعة من المتطوعين داخل منزل في مخيم طولكرم    الأونروا: الهجوم على رفح يعني المزيد من المعاناة والوفيات    الاحتلال يطالب المواطنين بإخلاء رفح جنوب القطاع    "جوال" تعلن عن وجود خلل عام يؤثر على خدمات الاتصال الخلوي    خريجون يرفعون العلم والكوفية الفلسطينية أثناء حفلات التخرج في الجامعات الأميركية    الاحتلال يهدم طابقا من منزل ومنشأة تجارية في رأس كركر شمال غرب رام الله    في اليوم الـ 213 من العدوان: استشهاد 22 مواطنا بينهم 8 أطفال إثر غارات للاحتلال استهدفت 11 منزلا في رفح  

في اليوم الـ 213 من العدوان: استشهاد 22 مواطنا بينهم 8 أطفال إثر غارات للاحتلال استهدفت 11 منزلا في رفح

الآن

المقعدة أم ثائر...مشاهد قاسية لحظة الاعتقال

إيهاب الريماوي

ساق ضابط في جيش الاحتلال "علي" الابن الأخير للعائلة إلى خارج المنزل، وقال له عليكم أن تجهزوا والدتكم فنحن جئنا من أجل اعتقالها، صعق علي، كيف تعتقلون مسنة مريضة؟ اعتقلوني بدلاً عنها.

المسنة هيام شكري بدر (62 عاما) من بلدة بيت لقيا غرب رام الله، أقعدتها جلطة سببت لها الشلل في يديها وقدمها اليسرى قبل ست سنوات، ورقدت في المستشفى عدة أسابيع، وخرجت على كرسي متحرك.

بالكاد تمكنت من الجلوس على الكنبة، وضعت يديها اليسرى على كتف ابنتها أسيل، وقالت: "لولا هذه البنت لما استطعت تدبر أمور حياتي، فأنا أصبحت مقعدة ولا يمكنني القيام بأي شيء إلا بالمساعدة، أتنقل من مكان إلى آخر باستخدام كرسي متحرك، وعندما أذهب إلى النوم يحملونني ويرفعونني إلى السرير".

المسنة المقعدة اعتقلها جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل عدة أيام، غير مكترثين بوضعها الصحي إلى جانب مرضها الضغط والسكري، الاعتقال جاء في محاولة للضغط على أبنائها الثلاثة ثائر وتامر وأشرف الذين اعتقلوا قبل اعتقالها بأسبوع.

"فجأة نهضت من النوم على صوت طرق قوي بالأرجل على باب المنزل عند الواحدة بعد منتصف الليل، عرفت أنهم جيش الاحتلال، وطلبت من ابني أن يفتح الباب، حيث أني مقعدة ولا يمكنني التحرك، وعندما دخل الجنود إلى المنزل كان عدد منهم يحمل حمالات تستخدم للمرضى والجرحى".

كان جنود الاحتلال في الداخل قد دمروا كافة محتويات المنزل، وطلبوا من أسيل ابنة الحاجة أم ثائر أن تجهزها داخل الحمام بتواجد مجندة من جيش الاحتلال، لكنها رفضت وأصرت على أن تكون لوحدها مع والدتها.

رفضت أم ثائر أن يتم نقلها للدورية العسكرية بواسطة الحمالة، وأجبرت الجنود على نقلها من خلال كرسيها المتحرك.

"أجلسوني وسط الدورية العسكرية، وأثناء سير الدورية لم يكن الكرسي مستقرا في مكانه، شعرت بأني سأرتطم بالأرض، وكان الجنود من حولي يتبادلون الضحكات".

نقلت إلى مستوطنة "عطروت" شمال القدس، ووضعت تحت مظلة من "الزينكو" مفتوحة من الجهات الأربع، وبقيت على هذه الوضعية منذ الساعة الواحدة والنصف حتى الثامنة صباحا، ومنعت من الذهاب إلى الحمام، وحتى من تأدية الصلاة.

"شعرت بالبرد الشديد، فلم أكن أرتدي ثياباً دافئة بالشكل الكافي، وفجأة أحضروا أبنائي تامر وثائر، حتى يستفزوهم ويضغطوا عليهما باعتقالي، ولما طلب ابني تامر من المجندة إحضار معطف أو بطانية لي رفضوا، فقام بخلع سترته وألبسني إياها".

أدخلت الحاجة أم ثائر إلى المحقق عند الساعة الثامنة صباحاً، كان التعب قد انهك جسدها من طول الانتظار والبقاء عدة ساعات في البرد، وتناوب عليها المحققون حتى الثالثة عصراً.

"نعتني المحقق بالكاذبة، وهددني بأنه سيتم سجن أبنائي لسنوات طويلة إذا لم أقدم لهم المعلومات التي يريدونها".

بعد ساعات طويلة من التحقيق تقرر أخيراً الافراج عنها، ولكن لم يوافقوا على الافراج عنها عند حاجز بيت سيرا القريب من بيت لقيا، وأصروا على أن يتم الافراج عنها على حاجز قلنديا.

عندما وصلت حاجز قلنديا حاول الجنود إدخالها من خلال البوابات الالكترونية، رغم أنه من المستحيل أن تدخلها وهي على كرسيها المتحرك، فرضخ الجنود لرفضها وخرجت من الممر المخصص للمركبات.

وتابعت، "أول ما وصلت للبيت استلقيت على السرير، كنت منهكة جداً، وراح شريط الذكريات يمر أمامي، زوجي الذي توفي قبل عام ونصف، وحفيدتي التي استشهدت قبل 13 عاماً، لقد أنهكنا الاحتلال سنوات طويلة".

ففي الثالث والعشرين من شهر نيسان أبريل عام 2006 كانت الطفلة رفيدة قد رافقت والدتها وأشقاءها الثلاثة من كفر كنّا داخل أراضي 48 لزيارة بيت والدها ثائر الذي كان يقبع في سجن نفحة، حين سحقتها بوابة على إحدى حواجز الاحتلال.

والدتها جيهان عقيلة قالت حول ما جرى معهم في ذلك اليوم: اضطررنا للانتظار أنا وأطفالي الأربعة على حاجز خربثا مدة ساعة في إحدى الحافلات، التي خضعت للتفتيش الإسرائيلي قبل دخولها إلى رام الله".

وأضافت "خلال ذلك استجبت لطلب رفيدة بالذهاب لقضاء حاجتها فنزلنا من الحافلة للبحث عن حمام، وعند مرورنا قرب بوابة الحاجز، أطبقت هذه فجأة على رأسها مما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة، فاحتضنت ابنتي مشدوهة بالصدمة غير مصدقة ما حدث، إلا أن الطفلة أخذت تنزف دماً من رأسها وعينيها على مرأى من إخوتها في الحافلة، ونقلتها سيارة إسعاف حضرت إلى المستشفى لتتلقى العلاج في محاولة لإنقاذ حياتها، إلا أن إصابة رفيدة كانت بالغة الخطورة، واستشهدت بعد ثلاثة أيام من إصابتها".

قبل عام ونصف اشتد المرض على المسن أبو ثائر ونقل إلى العناية المكثفة في مجمع فلسطين الطبي، وقبل اسبوع من وفاته اعتقل ثائر، كما اعتقل مرة أخرى قبل زفاف ابنته بيوم واحد، وكما حرم أيضاً من إلقاء نظرة الوداع على طفلته الشهيدة رفيدة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024