الرجوب: لا يمكن للفيفا أن يواصل غض الطرف عن الانتهاكات المستمرة في فلسطين    الاحتلال يقتحم مناطق في بيت لحم ويداهم عدة منازل    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    مستعمرون يحرقون شاحنة ويعتدون على سائقها شرق رام الله    شهيد وإصابتان برصاص الاحتلال في بلعا وعنبتا شرق طولكرم    "الأونروا": ارتفاع عدد النازحين من رفح إلى 450 ألفا خلال التسعة أيام    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة    مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى ويرفعون علم الاحتلال في باحاته    الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 35173 والاصابات إلى 79061 منذ بدء العدوان    بوليفيا تدعو سلطات الاحتلال إلى إجراء "تحقيق شفاف" في اعتداءات المستعمرين المتواصلة بحق شعبنا وضرورة محاسبتهم    المعتقل محمد عارضة من عرابة جنوب جنين يدخل عامه الـ23 في الأسر    إدارة جامعة "UW" في ولاية "ويسكونسن" الأميركية تستجيب لمطالب الطلبة المؤيدة لشعبنا    الاعتداء الثالث خلال أسبوع: مستعمرون يضرمون النار بمقر "الأونروا" في القدس    14 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات  

14 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات

الآن

الميزان المقلوب

 زهران معالي

"إذا كان القاضي دجاجة فلمن تشكي حبة القمح"، مثل يصف القرارات التي تصدر نادرا عن المحاكم الإسرائيلية بحق جنود أو مستوطنين ادينوا بارتكاب جرائم بحق الفلسطينيين، وكان آخرها، الحكم على جندي قتل الطفل عثمان حلس (15 عاما)، بالعمل في قاعدة عسكرية مدة لا تزيد عن 30 يوما، بعد انتهاء مدة خدمته الالزامية.

في الثالث عشر من تموز 2018، خرج الطفل حلس من منزل عائلته للمشاركة في المسيرات السلمية على السياج الحدودي شرق قطاع غزة، حالما بتحقيق أبسط مطالب العيش الكريم والعودة إلى بلاد أجداده، لكن رصاصة قناص من لواء "جفعاتي" استقرت في صدره كانت كفيلة بإنهاء حياته وأحلامه.

الجندي القاتل الذي لم تفصح المحكمة الإسرائيلية عن اسمه، اعترف في إطار صفقة بأنه أطلق النار على الطفل دون أن يحصل على مصادقة من ضباطه، وخلافا لتعليمات إطلاق النار والتوجيهات التي تلقاها، وأدين بارتكاب مخالفة "الخروج عن صلاحيته لدرجة تعريض حياة أو صحة للخطر"، وبناء عليه حكمت المحكمة العسكرية، عليه بالعمل مدة 30 يوما في قاعدة عسكرية، والحبس مع وقف التنفيذ، وتخفيض رتبته العســكرية.

هذا الحكم لم يكن الأول ولن يكون الأخير، لأن القاضي والجلاد واحد "القضاء الإسرائيلي ومؤسسات دولة الاحتلال"، والضحية دائما الفلسطيني، ويرى مختصون ومؤسسات تعنى بحقوق الإنسان في هذه الاحكام تعزيز لقاعدة مشاركة القضاء في حماية وتحصين المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

وبحسب توثيق مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومقره غزة، فقد بلغت حصيلة من قتلتهم قوات الاحتلال، منذ بدء المسيرات السلمية بتاريخ 30/3/2018، (214) من بينهم (46) طفلاً، وسيدتين، و(9) من ذوي الإعاقة، و(4) مسعفين، وصحافيين اثنين.

ويرى المركز الذي تابع قضية الطفل حلس أمام المحاكم الإسرائيلية، فإنه وفقاً للأدلة التي بحوزته، أن جريمة قتل الطفل حلس؛ من قبيل جرائم القتل العمد، التي تقتضي إنزال عقوبة أشد بحق الجندي المُدان، من تلك التي حكمت بها المحكمة العسكرية الإسرائيلية.

وينوه إلى أن الحكم المذكور الذي اعتبر الجريمة الواقعة مخالفة وليست جناية، مؤشراً على استمرار سياسة إفلات الجناة من العقاب، ودليلاً إضافياً على افتقار القضاء الإسرائيلي للقدرة على حماية الضحايا ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، بل وتوفير الغطاء القضائي للجنود الإسرائيليين في قتل المتظاهرين.

ويؤكد المركز أن الحق في الحياة والسلامة الجسدية، مكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن استمرار قوات الاحتلال في استهداف المشاركين السلميين في مسيرات العودة وسقوطهم ما بين قتيل وجريح، يُشكل انتهاكاً جسيماً لجوهر الحماية التي وفرها القانون الدولي للأفراد دون تمييز، كما ينطوي سلوك تلك القوات في التعامل مع المتظاهرين؛ على مخالفة خطيرة للمعايير الدولية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية.

مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري يقول لـ"وفا"، إن "حالة الطفل حلس لم تكن الأولى التي تصدر فيها المحاكم الإسرائيلية أحكام مخففة ضد الجنود القتلة أو حتى إعفائهم من الجريمة، فسبقها إحراق الطفل محمد أبو خضير وعائلة دوابشة، وإعدام عائشة الرابي، ونديم نوارة ومحمد أبو ظاهر، الشاب عبدالفتاح الشريف...".

وينوه إلى أن الاحتلال يلجأ عادة إلى إلصاق تهم ارتكاب الجرائم عادة بمستوطنين أطفال قصر تمهيدا لإعفائهم من الجريمة أو تخفيف الأحكام عليهم، ويدعمهم لوبي من أحزاب اليمين ممثلين في الكنيست الإسرائيلية، يوفر الغطاء الداعم لهم.

ويشير إلى أن محاكمة الجندي قاتل الطفل حلس تأتي في محاولة الاحتلال لقطع الطريق على متابعة ملف اعتداءات غزة أمام محكمة الجنايات الدولية، حيث يتطلب اللجوء للمحكمة الدولية استنفاذ القضاء المحلي وتثبيت أن الشخص الضحية لم يحصل على العدالة في بلده وبالتالي يبحث عن عدالة دولية، لذلك تلجأ إسرائيل لمحاكم شكلية صورية.

وفي الوقت الذي عملت فيه دولة الاحتلال على تغليظ عقوباتها بحق الفلسطينيين عبر سن القوانين العنصرية الإجرامية وبينها رفع عقوبة مطلقي الحجارة إلى 20 عاما كحد أقصى، تكافؤ من يقتل من جنودها أو مستوطنيها فلسطينيا، بأحكام إدارية أو فترات سجن مخففة، وغالبا ما يحصل من يصدر عليه تلك الأحكام على عفو من القيادة السياسية لدولة الاحتلال.

ووفق تقارير مؤسستين إسرائيليتين لحقوق الإنسان، فإن جهات التحقيق والمحاكم الإسرائيلية تشكل غطاء على الجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال والمستوطنين بحق الفلسطينيين.

ففي عام 2016، أعلن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، عن عدم الاستمرار في المساهمة في الحراك الوهمي في عمل جهاز تطبيق القانون العسكريّ ولا نية لها بمواصلة توجيه الشكاوى إليه.

ونوه المركز إلى أنه تم اتخاذ هذا القرار في ختام عملية تفكير تقدمية قامت بها المنظمة استناداً على المعرفة المكتسبة من مئات الشكاوى التي قدمتها المنظمة إلى جهاز تطبيق القانون العسكري، والعشرات من الملفات لشرطة التحقيقات العسكرية وعشرات اللقاءات مع المسؤولين في مجال تطبيق القانون العسكري.

ويؤكد مدير مكتب "بتسيلم" في رام الله إياد حداد لـ"وفا"، أن هذه المواد منحت المركز تجربة طويلة ومعرفة تنظيمية واسعة ومفصلة حول طريقة عمل جهاز القضاء الإسرائيلي واعتباراته، وجراء هذه الخبرة أدرك المركز بأنّه لا أمل في تعزيز العدل وحماية حقوق الإنسان عبر نظام يقاس أداؤه الحقيقيّ في قدرته على مواصلة تغطية انتهاكات القانون وحماية مسبّبي الضرر، بنجاح.

ومنذ بداية الانتفاضة الثانية في أواخر عام 2000 حتى نهاية 2015 توجهت منظمة "بتسيلم" إلى النيابة العسكرية الإسرائيلية مطالبة بالتحقيق في 739 حالة قُتل فيها فلسطينيون أو أُصيبوا أو ضُربوا على أيدي جنود أو تضررت ممتلكاتهم أو استخدمهم الجنود كدروع بشرية.

وتشير احصائيات المؤسسة إلى أن جهاز تطبيق القانون العسكري الإسرائيلي لم يجر تحقيقا في (182 حالة) على الإطلاق، وفيما يقارب نصف الحالات (343 حالة) تم إغلاق ملف التحقيق دون نتيجة، وفقط في حالات نادرة (25 حالة) تم تقديم لوائح اتهام ضدّ الجنود المتورطين، وتم نقل 13 ملفًا إضافيًا للمحاكم التأديبية كما تتواجد 132 حالة في مراحل مختلفة من المعالجة، 44 حالة أخرى لم تتمكن النيابة العسكرية من تتبع وضعها.

ويؤكد حداد "لا نريد أن تكون منظمات حقوق الإنسان ورقة توت يغطي الاحتلال فيها عورته ويدعي أمام العالم أنه مؤسسة تحترم القانون أو أن القضاء الإسرائيلي عادل، لن نبيع الوهم للمتضررين الفلسطينيين فلم نرفع شكاوى كون النتيجة معروفة بالفشل أمام القضاء الإسرائيلي، والمحكمة العليا تشرعن القضاء المجحف بحق الفلسطينيين".

ووفق تقارير منشورة لمنظمة "ييش دين- منظمة متطوعين لحقوق الإنسان" الإسرائيلية، فإن 79% من الشكاوى المقدمة للنيابة العسكرية الإسرائيلية عام 2016 بخصوص الاشتباه بمخالفات لجنود إسرائيليين ضد فلسطينيين أغلقت دون فتح تحقيق جنائي.

كما تشير تقارير المنظمة إلى أن 3% فقط من ملفات التحقيق التي فتحت عقب شكاوى لفلسطينيين تضرروا من إسرائيليين منذ 2005 انتهت بالإدانة، و93.4% من تحقيقات شرطة الاحتلال حول إتلاف المستوطنين أشجار الزيتون أغلقت دون لائحة اتهام بسبب فشل التحقيق.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024