دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم    تركيا تقرر الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    "الأسرى": آلاف العمال تعرضوا للاعتقال والتعذيب من قبل الاحتلال منذ السابع من أكتوبر    الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليفورنيا وأخرى جنوب فلوريدا لفض اعتصامات مناصر لفلسطين    القواسمي يثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية والأوروبية الداعم للقضية الفلسطينية    سعد: الاحتلال قتل 25 عاملا منذ مطلع العام الجاري واعتقل 5100 آخرين    "هيئة الأسرى": إدارة سجون الاحتلال تواصل ارتكاب أبشع المجازر بحق المعتقلين داخل السجون    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة الى 34568 شهيداً و77765 مصابا    الاحتلال يعتقل 20 مواطنا من عدة مناطق بالضفة الغربية    في اليوم الـ208 من العدوان على غزة: شهداء ومصابون في غارات متفرقة على القطاع    شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا ورئيستها تطالب بـ"تطهير مواقع الاحتجاج"    الاحتلال يفرج عن الأسير علي باسم حسين من قلقيلية بعد 22 عاما من الاعتقال    شهداء بينهم أطفال في غارات إسرائيلية على جنوب ووسط وشمال قطاع غزة    قراقع: على العالم وقف المذبحة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون    "فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى  

"فتح": عمال فلسطين يقاومون الاحتلال بيد ويبنون مؤسسات دولتنا المستقلة باليد الأخرى

الآن

نداء يونس وكتابة الصمت

محمود ابو الهيجاء

ما الذي على الشعر ان يقوله، اذا ما ترك للصمت ان يكتبه..!! ولكن هل بوسع الصمت ان يكون كاتبا حقا، أو هل بالامكان حقا أن يكون الصمت نصا، أم انه البوح حين يرتجف خوفا؟ فيزعم صمتا يراه ممكنا في القصيدة، أم انها حيلة المجاز واحابيله التي تسعى وراء الاكمات الجمالية، كي يتعرى المعنى وراءها مثلما يحب، وبالشغف الذي يحقق "لذة النص" التي تحدث عنها "رولان بارت"، اللذة التي يريدها النص هنا لطرفيه الكاتب والمتلقي معا؟؟ واذ كنت انا المتلقي هنا، وانا اقرأ في عمل نداء يونس الشعري، الذي جاء تحت عنوان "كتابة الصمت، ديوان انائيل يتبعه بروفايل للسيد هو "فلا بد ان اعترف اني قد اصبت بهذه "بلذة بارت" والى حد القشعريرة، ولهذا وحيث لا تعريف مطلق للشعر، فاني لا ارى ضرورة للتجنيس الادبي الضيق لهذا العمل هنا، والضرورة الوحيدة التي اراها في هذا الاطار، هي الكشف عن علاقة الكاتبة بنصها، وبحكم "لذة النص" التي افعمتني، ادرك انها علاقة حميمة، والى حد التماهي مع الحرف والصورة والمعنى، وما لم تستطع الشاعرة الكشف عن هذا التماهي الحميم بالكلمة، جاءت برسومات الحلاج ونثرتها بين قصائدها كمثل اسِرّة لنوم الكلام، كي يبدو الصمت في احلامه كاتبا لذلك البوح..!!
سأقول انها حيلة المجاز، لكني وانا انصت لهذا الصمت، ادرك القصيدة جسدا يتلوى بروح الشاعرة، وهذا بتقديري ما برعت فيه نداء يونس "المسألة ليست فيزيالا/ لكنها اللغة/ سرير غير معشب/ لهذا يمكنني ان اصرخ: خذيني ايتها الرغبة/ فانا بحاجة/ الى سيد" وكلمة "فيزيالا" في مطلع هذا المقطع من ديوان انائيل، تقول الشاعرة انها نحت لغوي من كلمتين، فيزياء وخيال، وهذا ما يجعل القصيدة جسدا، والخيال ليس غير الروح، وقد وجدت ضالتها في البوح العصي على اي تأويل حسي بنرجسيته المريضة..!! اعني ان الامر في هذا السياق، يتجاوز ما نعرف من رغبات، وما ندرك من عويل الحسيات المجنونة، غير انه "هو" هنا في لجة القصيدة، تحبه مثل الله، وبنواح الواقعيات، ترى الذئب في عينيه..!!
الشعر وكما يقول الناقد العراقي عارف الساعدي، هو عملة الشعراء النادرة، وهذا يعني وكما يوضح وبما معناه، ان هذه العملة يمكن ان تكون في شطر واحد من قصيدة عمودية، او في مقطع دون سواه، في قصيدة تفعيلة او نثرية، لكن هذه العملة في عمل نداء يونس، مثلها مثل "دراهم القدرة" التي كان المتصوف الشهير صاحب "الطواسين" الحلاج، يقطفها من الهواء كلما اراد ذلك، اعني ان الرؤية الصوفية، لعمل الشاعرة يونس، وحدها من سيقطف هذه العملة، وليس في هذا التقدير نقد انطباعي، بقدر ما هو من وجهة نظري اكتشاف لـ "هاتف الغيب" وقد ارتضى وسيلته في روح الشاعرة ونصها معا، وهذا ما يسعى اليه المتصوفة عادة للوصول الى المقامات التي يتطلعون.
ليست نداء يونس في هذا السياق مريدة فحسب، بل هي في مقام الوصول الجمالي، وقد ادركت وجودها في الاطار الكوني، وباتت ترى المعرفة في نصها، كلمات ذات صوت، ورائحة وجسد، وخيالات يدركها الصمت الذي هو البوح جملة وتفصيلا.
كتابة الصمت، هي صوت الكتابة، وقد تزود قرب الليل بالشطح الجميل، لعارفة هي اليوم العرافة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024