مسؤولة أممية: شمال قطاع غزة يعاني مجاعة شاملة تتجه إلى جنوبه    انتشال جثمان شهيد ثانٍ من تحت ركام المنزل الذي هدمه الاحتلال في دير الغصون شمال طولكرم    مستعمرون يعطبون مضخات مياه في الأغوار الشمالية    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 34,654 والاصابات إلى 77,908 منذ بدء العدوان    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بحماية استقلال المحكمة الجنائية والتهديدات ضدها غير مقبول    الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء الشعائر الدينية بـ"سبت النور"    طلاب في جامعة "برينستون" الأميركية يضربون عن الطعام تضامنا مع غزة    مجلس الأمن يعقد اجتماعا الأسبوع الجاري بشأن المقابر الجماعية في قطاع غزة    مع دخول العدوان يومه الـ211: الاحتلال يواصل قصفه الصاروخي والمدفعي على قطاع غزة مخلّفا عشرات الشهداء والجرحى    الحراك الطلابي التضامني مع قطاع غزة يمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    الاحتلال يشرع بهدم المنزل المحاصر في دير الغصون شمال طولكرم    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    انتشال جثامين 7 شهداء من مدينة خان يونس    قوات الاحتلال تحاصر منزلا في بلدة دير الغصون شمال طولكرم    دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم  

دويكات: الأجهزة الأمنية تعاملت مع شخص أطلق النار على دورية للأمن في طولكرم

الآن

عصيدة.. عزيمة تهزم "اللين"

زهران معالي

أربعة عشرة عاما كان عمر عبد الله خالد عصيدة، عندما التحق بالصف الدراسي الأول في مدرسة تل الأساسية جنوب غرب نابلس، بعد تأخره سبع سنوات إثر معاناته من مرض لين العظام الذي يرافقه منذ الولادة.

يوم الثلاثاء الماضي، حصد عصيدة (24 عاما) غمار الجد والمثابرة في مسيرة تعليمية اتسمت بالصعوبات والمعيقات عبر كرسي متحرك، بتفوقه في امتحان الثانوية العامة بالفرع الأدبي بمعدل 86.3%.

يقول عصيدة لـ"وفا"، إنه التحق بروضة القرية لمدة سبع سنوات حتى شعر بالملل، فيما كان يرافقه تخوف أن يلقى ذات مصير شقيقته سلسبيل (33 عاما) وشقيقه محمد المصابين بذات المرض، بالحرمان من الالتحاق بالمدرسة واستكمال تعليمه، نظرا لأوضاعهم الصحية. 

"لماذا لا ألتحق بالمدرسة"، كان السؤال الدائم على لسان عصيدة لعائلته طوال السنوات السبع التي أمضاها في الروضة، وكلما ذهب للمرح مع أبناء الحي الذي يقطن فيه وحديثهم عن المدرسة، حتى بداية العام الدراسي الجديد فسارع عصيدة إلى مدرسة القرية وطلب من إدارتها السماح له بالدراسة.

ويضيف عصيدة "حملت شهادة الميلاد وذهبت للمدرسة في أول يوم دوام قبل 11 عاما، وقابلت مدير المدرسة الذي بادرني بالسؤال عن سبب تواجدي، وطالبته بالالتحاق بالمدرسة، فأكد لي أن ذلك حق مشروع".

ويشير عصيدة إلى أنه بعد التحاقه بأسبوعين بالصف الأول، كانت صدفة تنصيبه عريفا للصف سببا بترفيعه للصف الثالث، حيث تفاجأ معلمه بكتابته لأسماء المشاغبين على الصبورة، فعقدت له لجنة خاصة أجرت له امتحان مستوى، ورفع بعد نجاحه صفين.

"فرحة لا توصف بالنجاح بالثانوية بعد تعب 12 عاما. خلال سنوات الدراسة تعرفت على معلمين ومدراء وطلبة ورفاق ساعدوني على الاستمرار"، يتابع عصيدة.

ويؤكد عصيدة أن ما واجهه من صعوبات كانت مثله كأي طالب خلال سنوات الدراسة، لكن المعدل الذي حصل عليه لم يتوقعه، وأنه لم يتبع برنامجا دراسيا منتظما خلال السنة الدراسية، إلا أنه كثف من جهوده خلال فترة الامتحانات التي استمرت أسبوعين، حيث واصل الليل بالنهار للدراسة وحرم نفسه من أمور يحبها كمتابعة مباريات كرة القدم، في سبيل تحقيق حلمه.

وعلى غير عادة طلبة الثانوية العامة، لم يتلق عصيدة دروس التقوية الخاصة، فهو يفضل الاعتماد على ذاته لتحقيق حلمه. وقال: "نجحت وجبت أعلى العلامات خاصة باللغة الانجليزية حيث حصلت على 137 من 150".

ويضيف "أريد دراسة المحاسبة في جامعة القدس المفتوحة بنابلس، حاليا لا يوجد مخططات بالدراسات العليا لكن إذا ربنا قدرنا سأكمل دراسة الماجستير والدكتوراة".

ويناشد عصيدة بتبني دراسته الجامعية في "القدس المفتوحة"، وتوفير كرسي كهربائي جديد ووسائل نقل عامة ملائمة لذوي الإعاقة تسهل وصولهم لمدينة نابلس.

لحظة إعلان النتائج، كانت والدة عبد الله، نادية عطية عصيدة برفقة زوجها يقطفان التين في أحد حقول القرية. لم تتوقع أن يحصل ولدها على علامة مرتفعة كونه لم يدرس كثيرا وفق قولها، حتى حضرت جاراتها ليخبرنها بأن عبد الله حصل على 86.3%، فعادت للمنزل وحضنته وبكت، وفق قولها.

في الثامن من أيلول/ سبتمبر عام 1996 استقبلت عائلة عصيدة مولودها الخامس عبد الله، وسارعت وقتها لإجراء كافة الفحوصات له للتأكد من سلامته من مرض لين العظام الذي أصاب شقيقته سلسبيل، والتي أظهرت خلوها منها، لكن أعراض المرض بدأت بعد عام بالظهور عليه.

ووفق موقع "كل يوم معلومة طبية"، فإن تلين العظام مرض يُشير إلى لين ملحوظ في العظام، يحدث عادة بسبب نقص فيتامين (د) الشديد، ويمكن أن يؤدي ضرر العظام الناتج عن هذه الحالة، إلى حدوث انحناء أثناء النمو لدى الأطفال، خاصة لعظام الساقين الحاملة للوزن، ويمكن أن يؤدي لين العظام لدى البالغين إلى الكسور.

وتؤكد الوالدة أم إبراهيم، أنها فخورة بعبد الله الذي تمكن بعزيمته من هزيمة المرض، خاصة أن شقيقته سلسبيل لم تتمكن من الدراسة لكنها تحفظ القرآن كاملا، فيما توفي شقيقه محمد بعمر (15 عاما) دون أن يحقق ذات الحلم.

وتفخر أم إبراهيم أنها درست ثلاثة من أبنائها الهندسة والصيدلة والكيمياء التطبيقية، فيما سيلتحق عبد الله بالجامعة لدراسة المحاسبة.

وتأمل والدته من الجهات المختصة تقديم الدعم اللازم لتمكينه من إكمال دراسته وتسهيل وصوله للجامعة بمدينة نابلس، عبر توفير "تكتوك" (مركبة كهربائية على أربع عجلات) لتوصله لجامعته.

مدير التربية والتعليم في نابلس طارق علاونة والذي حضر برفقة وفد من التربية لتهنئة عصيدة بإنجازه، أثنى على تفوقه وأكد أنه بذل جهودا جبارة لتقديم الامتحانات، وأنه يشكل نموذجا يحتذى به لغيره من أصحاب الهمم.

وأكد توفير الوزارة كافة الاحتياجات اللازمة لدعمه ومساعدته.

وأجرى علاونة خلال الزيارة اتصالا مع محافظة نابلس لتوفير احتياجات عصيدة، حيث أكدت الأخيرة لوالدته العمل على توفير كرسي كهربائي قريبا.

ونوه علاونة أن عبد الله يملك همة عالية وإصرارا، وحقق نجاحا باهرا وهي رسالة التربية والتعليم بإعطاء الحق لكل طالب بالدراسة، مؤكدا أن الوزارة وفرت ما تقدر عليه لكل حالات الإعاقة حسب درجتها ونوعها لتقديم امتحان الثانوية العامة بيسر وسهولة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024