مسؤولون أميركيون: لم نجد تأكيدات موثقة على عدم انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في غزة    طلبة الجامعات الأميركية يواصلون مظاهراتهم ضد تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة    الشبيبة الفتحاوية تثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية وتدعوا لأوسع تحرك في جامعات الوطنڨڨ    استشهاد 7 مواطنين في قصف للاحتلال شمال شرق رفح    الرئيس يعرب عن تقديره لمواقف إسبانيا المبدئية ودعمها للقضية الفلسطينية    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    الأحمد يهنئ فهد سليمان بانتخابه أميناً عاماً لـ"الجبهة الديمقراطية" ونجاح المؤتمر الثامن    فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة  

شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة

الآن

إدارة الماء في منازل غزة... صراع من أجل البقاء

سامي أبو سالم

ارتقى المواطن محمود المصري شهيدا في الرابع من الشهر الجاري وهو يبحث عن ماء يصلح للشرب في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بينما كان يقيم في مدرسة امتلأت بالنازحين في بيت حانون شمالا، فيما استشهد الشاب حمد الله الرواغ الأسبوع الماضي على شاطئ دير البلح وهو يعبئ ماء على عربة يجرها حصان.

في قطاع غزة حيث ترتكب إسرائيل المجازر بشكل غير مسبوق على مدار الساعة ولليوم الرابع والثلاثين على التوالي، وعلى الهواء مباشرة بحق شعب أعزل محاصر، ممنوع من العيش بكرامة كباقي شعوب العالم، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا دواء ولا غذاء ولا وقود حتى لتشغيل المشافي ولو بالحد الأدنى للبقاء ولإنقاذ حياة ما يمكن إنقاذه.

ويكابد الغزيون ألم العيش، ويبحثون عن الماء في كل مكان، ووصلت ببعض الأسر لشرب مياه البحر المالحة وتلك الملوثة في واقع هو الأسوأ في التاريخ المعاصر.

فما ان اندلقت المياه من الخرطوم عند الساعة الخامسة فجرا، في مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، حتى دبت الحياة في البيت، هبت أم مصباح لتملأ البراميل الخاصة بالماء، وهب معها أولادها وبناتها وأولاد وبنات العائلتين المستضافتين لديها لتعبئة كل ما تقع أيديهم عليه، كما قالت.

وتتعمد أم مصباح تعبئة البرميل الاحتياطي على الأرض وطناجر الطبخ وقنينات العصائر والمشروبات الغازية الفارغة وأي وعاء يمكن أن يحوي ماء.

ويعيش في منزل أم مصباح عائلتها المكونة من 6 أفراد وعائلتان من شمال غزة بمجموع 19 فردا، يعيشون وسط شح في الماء.

وتقول لمراسل "وفا"، إنها تعاني من شح الماء منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي.

وقطعت قوات الاحتلال كل شرايين الحياة، فقطعت المياه ومنعت دخول الوقود والطعام وغاز الطبخ.

لكن، ومع ضغوط دولية دخلت عدة شاحنات تحمل مساعدات طبية وغذائية لكن مجموعها بالكاد يبلغ عدد الشاحنات التي كانت تدخل في يوم واحد قبل السابع من أكتوبر على القطاع المحاصر أصلا.

وتبذل أم مصباح جهدا في توفير المياه التي تصلها بمعدل 4 ساعات أسبوعيا.

فاستخدام "السيفون" (صندوق الماء الخاص بتنظيف المرحاض بعد الاستخدام) ممنوع الا بعد أن يتم تعبئته بما هو مستخدم من قبل.

لا نجلي الأواني إلا في دلو وبعدها يتم استخدام الماء للمرحاض. ولا يتم الاستحمام باستخدام "الدّش"، بل بالكيلة والسطل وعلى من يستحم أن يجلس في وعاء ليتم استغلال الماء في تنظيف المرحاض أو في مسح الأرضية.

وكذلك غسيل الملابس، فلا يوجد كهرباء للغسالة، وبالتالي يتم غسل الملابس في أواني، وما يخرج من ماء لا يتم التخلص منه بل استخدامه في أشياء أخرى سيما المرحاض.

حتى غسل الأيدي بعد الأكل يكون غالبا بمسح الأيدي والفم بمناديل.

وتقول أم مصباح إن توفير الماء بات مهارة نادرة اكتسبتها من الحروب السابقة على غزة.

وشنت قوات الاحتلال أكثر من عدوان على غزة أبرزها عام 2008، و2012، و2014 و2021 كانت تنقطع فيها المياه سواء من طرف قوات الاحتلال أو بسبب تدمير شبكات المياه بفعل القصف الجوي.

لكن، وفقا لرائد مصلح فان كل ما يجري لا يغني عن استخدام "الشطاف" والصنبور في الحمام.

وفي الوضوء غالبا يكون الوضوء للفرائض فقط، ليس بالضرورة المضمضة والاستنشاق.

"عندنا زهاء 15 مصلّ، لو كل واحد منهم تمضمض واستنشق سنستهلك كمية كبيرة نحن في غنى عنها.

لكن أم مصباح أشارت إلى أن المضمضة والاستنشاق والحمام "المريح" من الممكن أن يحصل في الساعة التي تصل فيها المياه وبعد امتلاء كل الأواني "كي نضمن أن يكون هناك بديلا يحل محلها".

 "فالشطاف للطهارة والصنبور لنظافة الرضّع بعد إزالة الحفاضات"، وهما الأداتان الأهم في البيت، لكن يلزمها ملء برميل الماء أعلى البيت، فيتسلق الفتية والشبان على السطح ويناولون بعضهم البعض ما تيسر من أوعية وقوارير المياه بمختلف الأحجام ودلقها في البرميل أعلى السطح.

في شوارع المخيم، تنشط حركة المواطنين على غير العادة، شبان ونسوة يحملن دلاء مليئة بالماء أو فارغة لملئها.

فتيان يربطان حصانا ويغسلانه، وقال أحدهم، إنه يستغل ساعة الماء لحمام الخيل، "إذا انقطعت الماء سيكون جيدا لو تحممت أنا".

وقال الطبيب يوسف سلامة، من مشفى شهداء الأقصى بدير البلح لمراسل "وفا"، إن شح الماء ينذر بعدة أمراض منها الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي بسبب الانخفاض الإجباري في مستوى النظافة.

وفي محاولة لسد الحاجة يحاول مواطنون (فضلوا عدم ذكر اسماؤهم) شفط مياه من بئر تجاري خاص بهم، لكن لا يوجد كهرباء، فيضطروا للبحث عن مولد، لكن المولد الذي يستطيع تشغيل ماكينة الشفط ينقصه الوقود، وباءت محاولتهم بالفشل.

في شوارع المخيم شبان أدلوا بحبال من بيوتهم متعددة الطوابق وأخذوا يرفعون الماء يدويا باستخدام البكرة.

كل ما ذكر يقصد به الماء الخاص بالغسيل والاستحمام وما إلى ذلك، لكن فيما يتعلق بماء الشرب فيبقى الحال على حاله.

فتية يحملون غالونات صفراء وزرقاء وقنينات فارغة يصطفون في طابور لملء مياه "صالحة للشرب" من إحدى محطات المياه الصغيرة الخاصة بجمعية خيرية.

وقال الفتى محمد جياب، 13 عاما، إنه ينتظر دوره لتعبئة مياه للشرب، ويقف أبو جياب في دور غير منظم زاد عن 30 شخصا في ساعات الصباح وسيزيد.

إن ما يجري في قطاع غزة يصعب وصفه، فالماء شريان الحياة، فكيف للحياة أن تستمر بلا شريان، فالغزيون مستعدون لأي صفقة مع الموت تضمن بقاء واحد على الأقل من أحبائهم على قيد الحياة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024