مسؤولون أميركيون: لم نجد تأكيدات موثقة على عدم انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في غزة    طلبة الجامعات الأميركية يواصلون مظاهراتهم ضد تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة    الشبيبة الفتحاوية تثمن الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية وتدعوا لأوسع تحرك في جامعات الوطنڨڨ    استشهاد 7 مواطنين في قصف للاحتلال شمال شرق رفح    الرئيس يعرب عن تقديره لمواقف إسبانيا المبدئية ودعمها للقضية الفلسطينية    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    الأحمد يهنئ فهد سليمان بانتخابه أميناً عاماً لـ"الجبهة الديمقراطية" ونجاح المؤتمر الثامن    فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34305 والاصابات إلى 77293 منذ بدء العدوان    الاحتلال يعتقل 15 مواطنا من الضفة    الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    234 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى    مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة  

شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة

الآن

ماكينات اعلامية متوحشة تنهش وعينا وهويتنا

باسم برهوم

 نحن نعيش اليوم في زمن تحولَّ فيه الإعلام إلى ماكينات متوحشة، إعلام متوحش بنشر الفوضى، ويمنع تشكُل أي وعي حقيقي حول القضايا الجدية التي تهم الانسانية. وهنا، وفي هذه الحالة ليس هناك فوارق تذكر بين دور وسائل الاعلام الجديدة، اعلام التواصل الاجتماعي، اعلام الانترنت، ودور وسائل الاعلام التقليدية.
علينا ان ندرك، ان هذه الإعلام الوحشي، هو الابن الشرعي لليبرالية المتوحشة، المعولمة، المسيطرة على الأسواق الاقتصادية. هذه الليبرالية، التي تمثل اقصى اليمين للرأسمالية، والشكل المستحدث لها، استفادت الى حد بعيد من التطور المذهل والمتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وربما هي من سعى الى هذا التطور بهدف نشر الفوضى التي تسمح بسيطرتها على الاسواق بيسر وسهولة، ومن دون أي معارضة حقيقية، وهي أي الليبرالية المتوحشة، تعمل على منع تكون أي حالة تضامنية داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات حول أي قضايا جدية.
ما يهمنا هنا، هو انعكاس ظاهرة الاعلام المتوحش على منطقتنا العربية، فهذه الظاهرة ساهمت دون شك في العقدين الاخيرين في تصفية وإنهاء مفهوم الأمة العربية، والهوية العربية الجامعة. ساهمت في إسقاط وتدمير الدولة الوطنية، ومنعت نضوج أي شكل من أشكال التضامن العربي. وما زاد من فداحة الأوضاع، هذا الانقسام بين ما تبقى من دول عربية الى تيارات متصارعة، باتت تنفق على هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة اكثر مما تنفقه على تنمية شعوبها ودولها. هذه الماكينات لم تشوه الوعي وحسب انما تمنع تشكله حول قضايا اساسية مثل التحرر، والحقوق العامة، والتنمية، ومحاربة الفقر والجهل وتحقيق اكبر قدر من العدالة الاجتماعية.
أنا شخصيا، لم أصدق يوما ان هناك اعلاما موضوعيا ومحايدا قبل هذه الظاهرة المتوحشة، لكن كان هناك إعلام اكثر مهني يراعي المعايير المهنية، ويتمتع بقدر من المصداقية، هذه المعايير المهنية تتهاوى اليوم في عالم تكسرت فيه كل القيم وتكسر فيه منطق القانون الدولي الانساني، نحن في عالم تسوده الفوضى الخلاقة التي سعت الليبرالية المتوحشة اليها. 
اما بما يتعلق بنا نحن الشعب الفلسطيني، فانعكاس هذه الظاهرة المتوحشة كان علينا كبير ونتائجه فادحة، فهذه النتائج في السياسة بوجود الظاهرة الترامبية، والتي هي عنوان لهذه الظاهرة كما هي في الاعلام. فقد نهشت هذه الماكينات الاعلامية المتوحشة وعينا الوطني وهويتنا الوطنية الجامعة وذاكرتنا الوطنية الجمعية، فنحن اليوم لسنا امام تحدي الانقسام السياسي الظاهري والعلني، وانما نحن امام ظاهرة تشرذم الوعي في ظل غياب هدف وطني جامع.
ولكن، ومع ذلك، وبالرغم من صعوبة الوضع، فإن طابع المواجهة مع المشروع الصهيوني الاحلالي، الذي ينفي وجودنا كشعب له تاريخ وحقوق، هذه المواجهة لا شك انها تفرض علينا نوع من التماسك، لكنه سيبقى هشا اذا لم نسارع التأكيد على هويتنا الوطنية وتعزيزها، وتأصيل الوعي الوطني ودفعه نحو العدو الرئيسي وهو الاحتلال الاسرائيلي، بعيدا عن أي معارك جانبية تحاول الماكينات الاعلامية المتوحشة إلهاءنا بها. ان المهمة صعبة لكنها ممكنة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024