"الأونروا": ارتفاع عدد النازحين من رفح إلى 450 ألفا خلال التسعة أيام    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة    مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى ويرفعون علم الاحتلال في باحاته    الاحتلال يغلق المدخل الغربي للمغير شرق رام الله    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 35173 والاصابات إلى 79061 منذ بدء العدوان    بوليفيا تدعو سلطات الاحتلال إلى إجراء "تحقيق شفاف" في اعتداءات المستعمرين المتواصلة بحق شعبنا وضرورة محاسبتهم    المعتقل محمد عارضة من عرابة جنوب جنين يدخل عامه الـ23 في الأسر    إدارة جامعة "UW" في ولاية "ويسكونسن" الأميركية تستجيب لمطالب الطلبة المؤيدة لشعبنا    الاعتداء الثالث خلال أسبوع: مستعمرون يضرمون النار بمقر "الأونروا" في القدس    14 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 35.091 شهيدا و78.827 مصابا    فتوح يدين تصريحات السيناتور غراهام بشأن غزة    "فتح" تثمن دور الصين في رعاية الحوار الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطني    مستعمرون يمنعون مرور شاحنات مساعدات من الضفة إلى غزة    الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع  

الاحتلال يوسع توغله برفح ويكثف غاراته شمالي القطاع

الآن

قرار "الدستورية" العليا بحل "التشريعي".. بين الصلاحية القانونية والاعتبارات العملية

د. ايهاب عمرو

أثار القرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية العليا الفلسطينية مؤخرا بحل المجلس التشريعي (المعطل وغير المنعقد أصلا) ردود فعل كبيرة اتسع صداها حتىى وصلت إلى عموم المنطقة العربية والعالم، وذلك مرده إلى قرار رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس بالاعتماد على قرار المحكمة المذكور من أجل المضي قدما بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات نيابية (برلمانية) خلال ستة أشهر، من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية، كما ورد في قرار الدستورية العليا.

وصدر قرار المحكمة الدستورية المذكور بتاريخ 12/12/2018 بناء على طلب التفسير المقدم للمحكمة من وزير العدل لتفسير المواد القانونية والدستورية الواردة في القانون الأساسي والتشريعات ذات العلاقة بشأن الوضع الدستوري والقانوني للمجلس التشريعي والتي أثارت خلافا في التطبيق ما اقتضى معه طلب تفسيرها وفقا للصلاحيات المخولة لوزير العدل بموجب قانون المحكمة الدستورية لسنة 2006 وتعديلاته، تحديدا المادة (30) منه.

وحسب البيان الصادر عن وزير العدل بتاريخ 23/12/2018، فإن طلب التفسير المذكور تم تقديمه بعد ورود طلب من رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 27/11/2018 والذي تقدم به بناء على قرارات محكمة العدل العليا لتمكينها من الفصل في الدعاوى المنظورة أمامها بعد تعذر إصدار الحكم بشأنها قبل تبيان الوضع القانوني والدستوري للمجلس التشريعي من حيث إنتظامه أو تعطله، وفيما إذا كان أعضاء المجلس المذكور في الوضع الراهن يستحقون المخصصات المالية ذات العلاقة (الراتب الممنوح لهم نظير عضويتهم).

ولعله من المفيد هنا، قبل إبداء الرأي بخصوص قرار المحكمة الدستورية العليا محل النقاش، الإشارة إلى أن أهم ما ورد في هذا القرار التأكيد على أن شرعية وجود المجلس التشريعي تكون بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، وأنه ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007 يكون قد فقد صفته كسلطة تشريعية، أي صفة المجلس التشريعي. كذلك، أقرت المحكمة الدستورية العليا في قرارها عدم انطباق نص المادة (47 مكرر) من القانون الأساسي في حالة عدم إجراء الانتخابات الدورية للمجلس التشريعي كل أربع سنوات، أي أنه لا يمكن تطبيق نص المادة (47 مكرر) إلا في ظل وجود مجلسين، مجلس منتهي الولاية القانونية، ومجلس جديد منتخب. ورأت المحكمة الدستورية العليا بخصوص تفسير نص المادة (55) من القانون الأساسي عدم وجود أية أسباب موجبة لاستمرار تقاضي أعضاء المجلس التشريعي المنتهية مدة ولايته لأية استحقاقات مالية أو مكافآت منصوص عليها في القوانين واللوائح ذات العلاقة بشأن المجلس التشريعي اعتبارا من تاريخ صدور قرار المحكمة. وخلصت المحكمة الدستورية العليا إلى أنه وبسبب تعطل وغياب المجلس التشريعي بشكل تام وعدم انعقاده منذ تاريخ 5/7/2007، وانتهاء مدة ولايته بتاريخ 25/1/2010 أثناء فترة تعطله وغيابه، وأنه ما زال معطلا وغائبا بشكل كامل حتى الآن، فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 25/1/2006، وبالتالي اعتباره منحلا منذ تاريخ إصدار هذا القرار. ودعت المحكمة الدستورية العليا في قرارها رئيس دولة فلسطين إلى إعلان إجراء الانتخابات التشريعية خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

ومن المفيد هنا أيضا استعراض أهم اختصاصات المحكمة الدستورية العليا الواردة في المادة (103) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 والتي تشمل النظر في دستورية القوانين واللوائح أو النظم، وتفسير نصوص القانون الأساسي والتشريعات، والفصل في تنازع الإختصاص بين الجهات القضائية والجهات الإدارية ذات الإختصاص القضائي.

مما سبق يتضح لنا أن المحكمة الدستورية مارست صلاحياتها المخولة لها بموجب أحكام القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 في تفسير نصوص القانون الأساسي والتشريعات ذات العلاقة، تحديدا المادة (103) سالفة الذكر، ما يمكن القول معه أن قرار المحكمة الدستورية يعد صحيحا من وجهة نظر قانونية ومتفقا مع الصلاحيات المخولة للمحكمة بموجب أحكام القانون الأساسي المعدل.

ومن ناحية عملية، يمكن القول أنه وفي ظل تعطل المجلس التشريعي وعدم انعقاد جلساته منذ 2007، ما استدعى إصدار قرارات بقوانين تأسيسا على حالة الضرورة الواردة في المادة (43) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 اقتصر سريانها داخل محافظات الضفة الغربية، وانعقاده جزئيا في قطاع غزة وإصداره لتشريعات طبقت أحكامها داخل حدود قطاع غزة فقط، وفي ظل التحديات الإستراتيجية والمنعطفات التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية حاليا، وفي ظل حالة الانقسام البغيض وضرورة وضع حد نهائي لها ما يسمح بإعادة اللُحمة بين أبناء الشعب الواحد داخل جناحي الوطن المكلوم، فإن قرار المحكمة الدستورية العليا جاء في وقته، لا بل إنه لا بد من تقدير الجهود التي تقوم بها المحكمة الدستورية العليا في سبيل وضع حد لحالة الجمود التشريعي من جهة، وفي سبيل تمكين صاحب القرار السياسي الفلسطيني من مواجهة تلك التحديات الجسام التي تعصف بالقضية الوطنية من جهة أخرى.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024