غرقى .. يا ويلتاه
في الطريق الى وهم المسرة ووهم الخلاص، الطريق التي افتتحها تجار اللحظة الحزبية المريضة بنفق قيل انه كان قبل قليل "للمقاومة" في هذه الطريق هذا (بحر آخر لأيلول، بحر آخر للنشيد المر)، النشيد الذي بات في هذا الأيلول أشد مرارة من ذاك الذي غناه محمود درويش لحظة الخروج من بيروت بعد الاجتياح الاسرائيلي، عام اثنين وثمانين من القرن الماضي.
كأن (البحر جاهز من أجلنا دائما) جاهز لرحلة اخرى، لكن هذه الرحلة، لم تعد رحلة ولم تعد اخرى، ولأن الفلسطيني عادة لا يعرف رحلة الا باتجاه الوطن، غير ان تجار اللحظة المريضة، باتوا يبيعون الجغرافيا مقابل الوهم ...!!
يريدون غزة خالية من أي صوت لا يحبون سماعه، حتى صوت الألم والشكوى، هذا الذي استغلوه الى أبعد حد بترويج وهم الخلاص والمسرة في المنفى، ففتحوا انفاقهم لهذا الصوت ليتخلصوا منه برحلة دون ان يكترثوا للحظة واحدة كيف يمكن ان يكون مصيرها وإن كان للموت..!!
وأينها رقصة "الشيخ" رقصة النصر..؟؟ كيف انها لم تصنع الفرح الذي اقترحته على أهل غزة المكلومة ليستعيدوا حياتهم على ارضها ويحققوا احلامهم فيها، بعيدا عن بحر بات الآن بالنسبة لنا هو بحر الظلمات بأم عتمته وأمواجه المتلاطمة...!!
أينها رقصة "الشيخ" كيف انها لم تصنع دروبا اخرى غير دروب هذا البحر..؟؟ أينها حقائق النصر الذي قالته، وهل يغادر المنتصرون أرض النصر وعلى نحو ما صور لهم من خلاص على أرض اخرى ..؟؟
قلوبنا اليوم ملتاعة، وليس من شوق، بل من هم وحزن عميم، لم نفرغ من البكاء بعد على ضحايا العدوان الحربي الاسرائيلي، ولم ندفن تماما جميع الضحايا الشهداء فبعضهم ما زال تحت الركام، وبعض بعضهم ما زال في تلك الأنفاق، وثمة ضحايا لم نجمع اشلاءهم التي تناثرت في شوارع شتى، فبأي دمع سنبكي غرقانا اليوم وهم غرقى الخديعة وتجار اللحظة المريضة ..؟؟
وكفى .. كفى لهذا الانقسام المرير وقد بات يسهل دروب الموت على هذا النحو الخطير.
كلمة الحياة الجديدة رئيس التحرير